ذاتُ الحجارة. فأمَّا الجُرْجَة لِشئٍ (١) شِبْه الخُرْج والعَيْبة ، فما أُراها عربيّةً مَحْضة. على أنّ أوساً قد قال :
ثلاثةُ أبرادٍ جيادٍ وجُرْجَة |
|
وأدْكَنُ من أرْىِ الدُّبور مُعَسَّلُ (٢) |
جرح الجيم والراء والحاء أصلان : أحدهما الكسب ، والثانى شَقّ الجِلْد.
فالأوّل قولهم [اجترح] إذا عمل وكَسبَ. قال الله عزّ وجلّ : (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ). وإنّما سمى ذلك اجتراحاً لأنه عَمَلٌ* بالجوَارح ، وهى الأعضاء الكواسب. والجوارحُ من الطَّير والسباع : ذَوَاتُ الصَّيد.
وأما الآخَر [فقولهم] جرحَهُ بحديدةٍ جرْحاً ، والاسم الْجُرْح. ويقال جرَح الشاهدَ إذا ردّ قولَه بِنَثاً غيرِ جميل. واستَجْرَحَ فلانٌ إذا عمل ما يُجْرَح من أجله.
فأمّا قول أبى عبيدٍ فى حديث عبد الملك : «قد وعظتُكم فلم تزدادُوا على الموعظة إلّا استجراحا». إِنه النُّقصان من الخير ، فالمعنى صحيح إلّا أنّ اللفظ لا يدلُّ عليه. والذى أراده عبدُ الملك ما فسَّرناه ، أى إنّكم ما تزدادون على الوعْظ إلّا ما يكسبكم الجَرْحَ والطَّعنَ عليكم ، كما تُجْرِح الأحاديث. وقال أبو عبيد : يريد أنّها كثيرة صحيحها قليل. والمعنى عندنا فى هذا كالذى ذكرناه مِن قَبْل ، وهو أنّها كثُرتْ حتى أحوج أهلَ العلم بها إلى جرْح بعضها ، أنّه ليس بصحيح
__________________
(١) فى الأصل : «فشىء».
(٢) ديوان أوس ١٩ واللسان (جرج). والدبور : جمع دبر ، وهو النحل.