وهذا الذى قاله الخليل فدَليلٌ لنا فى بعض ما ذكرناه من مقاييس الكلام. والخليل عندنا فى هذا المعنى إمامٌ.
قال : ويقال جَذَا القُرادُ فى جنْب البعير ؛ لشدّة التزاقه. وجَذَتْ ظَلِفَة الإكاف فى جَنْب الحمار. وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : «مَثَلُ المنافِق مَثَلُ الأَرْزَة المُجْذيَة على الأرض حتَّى يكونَ انجعافُها (١) مَرَّةً». أراد بالمجْذِيَةِ الثّابتة.
ومن الباب تجاذَى القومُ الحَجرَ ، إِذا تشاوَلُوه.
فأمّا قولهم رجلٌ جاذٍ ، أى قصير الباع ، فهو عندى من هذا ؛ لأنّ الباع إذا لم يكن طويلاً ممدوداً كان كالشئ الناتئ المنتصب. قال :
إنّ الخلافةَ لم تكن مقصورةً |
|
أبداً على جاذِى اليدينِ مُبخَّلِ (٢) |
جذب الجيم والذال والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بَتْرِ الشَّئ (٣) يقال جذَبْتُ الشَّىْءَ أجذبُه جذْباً. وجذَبتُ المُهْر عن أُمّه إذا فطمتَه ، ويقال ناقة جاذب ، إذا قلَّ لبنها ، والجمع جواذب. وهو قياس الباب ؛ لأنه إذا قل لبنها فكأنها جَذبته إلى نفسها.
وقد شذّ عن هذا الأصل الجَذَب ، وهو الجُمَّار (٤) الخَشِن ، الواحد جَذَبة
__________________
(١) سيأتى الحديث فى (جعف) أيضاً.
(٢) نسب فى المجمل إلى سهم بن حنظلة. ورواه فى اللسان (جذا) بقافية «مجذر» منسوبا إلى سهم بن حنظلة أيضا. وفى الصحاح : «مبخل» بدون نسبة.
(٣) فى الأصل : «نثر الشئ» وإنما مدار المادة على البتر بمعنى القطع. انظر اللسان (جذب).
(٤) الجمار ، بالجيم : جمار الخلة. وفى الأصل : «الحمار» تحريف.