كلمةٌ تكون آخذةً منهما جميعاً بحَظٍّ. والأصل فى ذلك ما ذكره الخليل من قولهم حَيْعَل الرَّجُل ، إِذا قالَ حَىَّ عَلَى.
ومن الشَّىءِ الذى كأَنَّه متَّفَقٌ عليه قولهم (١) : عَبْشَمّى ، وقوله : (٢)
* تَضْحَكُ مِنِّى شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ (٣) *
فعلى هذا الأصل بَنَيْنا ما ذكرناه من مقاييس الرُّباعى ، فنقول : إنَّ ذلك على ضربين: أحدهما المنحوت الذى ذكرناه ، والضَّرْب الآخر [الموضوع] وضعاً لا مجالَ له فى طُرق القياس. وسنبيِّن ذلك بعَون الله.
فممّا جاءَ منحوتاً من كلام العرب فى الرُّباعى أوله باء.
(البلْعُوم) مَجْرَى الطَّعامِ فى الحَلْق. وقد يحذف فيقال بُلْعُم. وغير مُشْكلٍ أنَّ هذا مأخوذٌ من بَلِعَ ، إلّا أنّه زِيد عليه ما زِيدَ لجنسٍ من المبالغة فى معناه. وهذا وما أشبهه توطِئةٌ لما بعده.
ومن ذلك (بُحْتُرٌ) وهو القصير المجتمِع الخَلْق. فهذا منحوتٌ من كلمتين ، من الباء والتاء والراء ، وهو من بترتُه فبُتِر ، كأنّه حُرِم الطُّولَ فبُتِر خَلْقه. والكلمة الثانية الحاء والتاء والراء ، هو من حَتَرتُ وأَحْتَرت ، وذلك أنْ لا تُفْضِلَ على أحدٍ. يقال أَحْتَرَ على نَفْسِه [وعِياله] أى ضيِّق عليهم. فقد صار هذا المعنى فى القصير لأنّه لم يُعْطَ ما أُعْطِيَه الطَّويلُ.
ومن ذلك (بَحْثَرْتُ) الشىءَ ، إذا بَدَدته. والبَحْثَرة : الكَدَر فى الماء. وهذه منحوتةٌ من كلمتين : من بحثْتُ الشَّئ فى التراب ـ وقد فُسِّر فى الثلاثى ـ
__________________
(١) فى الأصل : «من قولهم».
(٢) فى الأصل : «وقولهم».
(٣) صدر بيت لعبديغوث بن وقاص الحارثى فى المفضليات (١ : ١٥٣). وهو بتمامه :
ونضحك مي شبة عبشعية |
|
كأن لم ترى ليلى أسيرا يمانيه |