الكسائىّ من قولهم أراد أن يتكلّم فتبقّم إذا أرتج عليه ، فإن كان صحيحا فإنما هو تبكّم ، ثم أقيمت القاف مقام الكاف. وأمّا البقّم فإنّ النّحويّين ينكرونه ويأبون أن يكون عربيّا. وقال الكسائىّ : البقّم صبغ أحمر. قال :
كمرجل الصّبّاغ جاش بقّمه (١) *
وأنشد آخر :
* نفىّ قصر مثل لون البقّم *
ومعنى الباب ما ذكرته أوّلا
بقى الباء والقاف والياء أصل واحد ، وهو الدّوام. قال الخليل : يقال بقى الشئ يبقى بقاء ، وهو ضدّ الفناء. قال : ولغة طىّ بقى يبقى ، وكذلك لغتهم فى كلّ مكسور ما قبلها ، يجعلونها ألفا ، نحو بقى ورضا (٢). وإنما فعلوا ذلك لأنّهم يكرهون اجتماع الكسرة والياء ، فيفتحون ما قبل الياء ، فتنقلب الياء ألفا. ويقولون فى جارية جاراة ، وفى بانية باناة ، وفى ناصية ناصاة. قال :
وما صدّ عنّى خالد من بقيّة |
|
ولكن أتت دونى الأسود الهواصر |
يريد بالبقيّة هاهنا البقيا عليه. ويقول العرب : نشدتك الله والبقيا. وربما قالوا البقوى. قال الخليل : استبقيت فلانا ، وذلك أن تعفو عن زلله فتستبقى مودّته. قال النابغة :
__________________
(١) البيت للعجاج فى ديوانه ٦٤ واللسان (بقم) والجمهرة (١ : ٣٢٢). وقبله.
يجيش من بين تراقيه دمه
(٢) فى الأصل : «وبضا» ، تحريف.