فقال فريقُ القومِ لَمَّا نَشَدْتُهُمْ |
|
نَعَمْ وفريقٌ لَيْمُنُ اللهِ مَا نَدْرِى |
وهو مرفوع بالابتداء ، وخبره محذوف ، والتقدير لَيْمُنُ اللهِ قسمى ، ولَيْمُنُ الله ما أقسم به.
وإذا خاطبتَ قلت : لَيْمُنُكَ. وفى حديث عُروة ابن الزُبير أنّه قال : «لَيْمُنُكَ لئن كنتَ ابتَلَيْتَ لقد عَافَيْتَ ، ولئن كنتَ سَلبتَ لقد أبقيتَ» وربَّما حذفوا منه النون فقالوا : ايْمُ اللهِ وايمُ اللهِ أيضاً بكسر الهمزة ، وربَّما حذفوا منه الياء فقالوا : امُ اللهِ وربما أبقَوا الميم وحدها مضمومةً قالوا : مُ اللهِ ، ثم يكسرونها لأنَّها صارت حرفاً واحداً ، فيشبِّهونها بالباء ، فيقولون مِ اللهِ. وربَّما قالوا مُنُ اللهِ بضم الميم والنون ، ومَنَ اللهِ بفتحهما ، ومِنِ اللهِ بكسرهما.
وقال أبو عبيد : وكانوا يحلفون باليَمِينِ فيقولون : يَمِينُ اللهِ لا أفعلُ. وأنشَدَ لأمرئ القيس :
فقلتُ يَمِينُ اللهِ أبرحُ قاعداً |
|
ولو قَطَعوا رأسى لديكِ وأوصالىِ |
أراد : لا أبرح ، فحذف لا وهو يريده.
ثم يجمع اليَمِينُ على أَيْمُنٍ ، كما قال زهير :
فتُجْمَعُ أَيْمُنٌ مِنَّا ومنكم |
|
بمُقْسَمَةٍ تمور بها الدماءُ |
ثم حلَفوا به فقالوا : أَيْمُنُ الله لأَفْعَلَنَّ كذا ، وأَيْمُنُكَ يا ربِّ إذا خاطبوا. قال : فهذا هو الأصل فى ايْمُنُ اللهِ ، ثم كُثر هذا فى كلامهم وخفَّ على ألسنتهم حتّى حذفوا منه النون كما حذفوا فى قولهم : لم يَكُنْ فقالوا لم يَكُ. قال : وفيها لغاتٌ كثيرة سوى هذه.
وإلى هذا ذهب ابن كَيْسَانَ وابن دُرْستويه فقال : ألفُ أَيْمُنُ ألف قطعٍ وهو جمع يَمِينِ ، وإنَّما خفّفتْ همزتها وطرحتْ فى الوصل لكثرة استعمالهم لها.