وقد تقع زائدةً للتوكيد ، كقولك زيدٌ كانَ منطلقاً ، ومعناه زيدٌ منطلقٌ. قال الله تعالى : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً). وقال الهذلىّ (١) :
وكنتُ إذا جَارِى دَعَا لِمَضُوفَةٍ |
|
أُشَمِّرُ حتى يَنْصُفَ الساقَ مِئْزَرِى |
وإنّما يُخبر عن حاله ، وليس يُخبر بكُنْتُ عما مضى من فعله.
وتقول : كانَ كَوْناً وكَيْنُونَةً أيضاً ، سبّهوه بالحيدودة والطَّيرورة من ذوات الياء. ولم يجئ من الواو على هذا إلّا أحرف : كَيْنُونَةٌ ، وهَيْعُوعَةٌ ، ودَيْمُومَةٌ ، وقَيْدُودَةٌ. وأصله كَيَّنُونَةً بتشديد الياء فحذفوا كما حذفوا من هَيِّنٍ ومَيِّتٍ ولو لا ذلك لقالوا كَوْنُونَةٌ. ثمّ إنَّه ليس فى الكلام فَعْلُولٌ.
وأمَّا الحيدودة فأصله فَعْلُولَةٌ بفتح العين فسكنتْ.
وقولهم : لم يَكُ ، وأصله يَكُونُ ، فلما دخلتْ عليها لم جزَمتْها فالتقى ساكنان فحذفت الواو فبقى لم يكن ، فلمَّا كُثر استعمالُها حذفوا النونَ تخفيفاً ، فإذا تحرَّكتْ أثبتوها فقالوا : لم يكن الرجل. وأجاز يونسُ حذفَها مع الحركة.
وأنشد :
إذا لم تكُ الحاجات مِن هِمَّة الفتى |
|
فليس بمُغْنٍ عنك عَقْدُ الرَتَائِمُ |
وتقول : جَاءونى لا يكون زيداً ، تعنى الاستثناء ، كأنَّك قلت : لا يكون الآتى زيداً.
وكَوَّنَهُ فَتَكَوَّنَ : أَحْدَثَهُ فَحدَثَ.
والكِيَانَةُ : الكَفالة.
وكُنْتُ على فلان أَكُونُ كَوْناً ، أى تكفّلت به. واكْتَنْتُ به اكْتِيَاناً مِثله.
وتقول : كُنْتُكَ ، وكُنْتُ إيّاك ، كما تقول : ظَنَنْتُكَ زيداً وظننت زيداً إياك ، تضع المنفصل موضع المتَّصل فى الكناية عن الاسم والخبر ، لأنَّهما منفصلان فى الأصل ، لأنّهما مبتدأ وخبر. قال أبو الأسود الدؤلى :
دَعِ الخَمر يشربها الغواةُ فإنَّنى |
|
رأيتُ أخاها مُجْزِئاً لمكانِها |
وإلّا يَكُنْهَا (٢) أو تَكُنْهُ فإنّه |
|
أخوها غَذَتْهُ أمه بلِبَانِهَا |
يعنى الزبيب.
والكَونُ : واحد الأَكْوَانِ.
وسَمْعُ الكِيَانِ : كتابٌ للعجم.
والاسْتِكانَةُ : الخضوع.
والمَكانَةُ : المنزلة.
__________________
(١) أبو جندب.
(٢) ويروى : «فإن لا يكنها».