مصدر فتنصبه ، تقول : أريد أن تقوم ، والمعنى أريد قيامك ، فإن دخلتْ على فعل ماضٍ كانت معه بمعنى مصدر قد وقع ، إلّا أنّها لا تعمل ، تقول : أعجبنى أَنْ قمتَ ، والمعنى أعجبنى قيامك الذى مضى.
وأَنْ قد تكون مخفّفةً عن المشدَّدة فلا تعمل.
تقول : بلغنى أَنْ زيدٌ خارجٌ. قال الله تعالى : (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها) وأما إنْ المكسورة فهى حرفٌ للجزاء ، يوقع الثانى من أجل وقوع الأول ، كقولك : إن تأتنى آتِكَ ، وإن جئتنى أكرمتُك. وتكون بمعنى «ما» فى النفى كقوله تعالى : (إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ). وربَّما جُمع بينهما للتأكيد ، كما قال الراجز الأغلب العجلىّ :
ما إنْ رأينا مَلِكاً أَغَارَا |
|
أكثر منه قِرَةً وَقَارَا |
وقد تكون فى جواب القسم ، تقول : والله إنْ فعلت ، أى ما فعلتُ. وأمَّا قول عَبد الله ابن قيس الرُقَيَّاتِ:
بَكَرَتْ عَلَىَّ عواذلى |
|
يَلَحْيَنَنِى وَأَلُومُهَنَّهْ |
ويَقُلْنَ شَيْبٌ قد عَلَا |
|
كَ وقد كَبِرْتَ فقلتُ إنَّهْ |
أى إنَّهُ قد كان كما يقلن. قال أبو عبيد : وهذا اختصارٌ من كلام العرب ، يكتفى منه بالضمير لأنه قد عُلِمَ معناه. وأمَّا قول الأخفش إِنَّهْ بمعنى نَعَمْ ، فإنّما يريد تأويله ، ليس أنَّه موضوع فى اللغة لذلك. قال : وهذه الهاء أدخلت للسكوت.
قال : وأَنَ المفتوحة قد تكون بمعنى لَعَلَّ ، كقوله تعالى : (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ). وفى قراءة أُبَىٍّ : لَعَلّهَا.
وأَنْ المفتوحة المخففة قد تكون بمعنى أَىْ ، كقوله تعالى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا).
وأنْ قد تكون صلة لِلَمَّا ، كقوله تعالى : (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ) وقد تكون زائدة ، كقوله تعالى : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) ، يريد : وما لهم لا يعذِّبهم الله.
وقد تكون إنْ المكسورةُ المخفّفة زائدةً مع ما ، كقولك : ما إنْ يقوم زيدٌ. وقد تكون مخففة من الشديدة ، فهذه لا بدَّ من أن تدخل اللام فى خبرها عوضاً مما حذف من التشديد ، كقوله تعالى : إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) ، وإنْ زيدٌ لأخوك ، لئلّا تلتبس بإنْ التى بمعنى ما للنفى.
وأما قولهم : أنا ، فهو اسمٌ مكنىٌّ ، وهو للمتكلِّم وحده ، وإِنَّمَا بُنى على الفتح فرقاً بينه وبين أَنْ