طُولِ المَقامِ في أيّامٍ لَظى (١) ، وَفي سَقَرِ الَّتي لا تُبْقي وَلا تَذَرُ ، وَفي الحَمِيمِ والجحيم ».
ثمّ تنكّب على القبر وتقول : « يا سَيِّدي أتَيْتُكَ زَائِراً مُوقَراً مِنَ الذُّنُوبِ ، أتَقَرَّبُ إلى رَبّي بِوُفُودي إلَيْكَ ، وَبُكائي عَلَيْكَ ، وَعَويلي وَحَسْرَتي وَأسَفي وَبُكائي (٢) ، وَما أخافُ عَلى نَفْسي رَجاءَ أنْ تَكُونَ لي حِجاباً وَسَنَداً وَكَهْفاً ، وَحِرْزاً وَشافِعاً وَقايَةً مِنَ النّار غَداً ، وَأنَا مِنْ مَواليكُمُ الَّذِينَ اُعادِي عَدُوَّكُمْ وَأوالي وَلِيَّكُمْ ، عَلى ذلِكَ أحْيا وَعَلَيْه أمُوتُ ، وَعَليْهُ اُبْعَثُ إنْ شَاءَ اللهُ ، وَقَدْ أشْخَصْتُ بَدَني وَوَدَّعْتُ أهْلي وَبَعُدَتْ شُقَّتي (٣) ، وَاُؤَمِّلُ في قُربِكُمُ النَّجاةَ ، وَأرْجُو في إتْيانِكُمُ الكَرَّةَ (٤) ، وَأطْمَعُ في النَّظَرِ إلَيْكُم وَإلى مَكانِكُمْ غَداً في جِنانِ (٥) رَبّي مَعَ آبائِكُمُ الماضِينَ ».
وتقول : « يا أبا عَبْدِاللهِ يا حُسَينُ ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، جِئتُكَ مُسْتَشْفِعاً بِكَ إلَى الله ، اللّهُمَّ إنّي أسْتَشْفِعُ إلَيْكَ بِوَلَدِ حَبِيبِكَ ، وَبِالملائِكَةِ الَّذِينَ يَضِجُّونَ عَلَيْهِ وَيَبْكُونَ وَيَصْرَخُونَ ، لا يَفْتَرُونَ ، وَلا يَسْأَمُونَ وَهُمْ مِنَ خَشْيَتِكَ مُشْفِقُونَ ، وَمِن عَذابِكَ حَذِرُونَ ، لا تُغَيِّرهُمُ الأيّامُ ، وَلا يَنْهَزِمُونَ مِنْ نَواحِي الخَيْرِ يَشْهَقُونَ (٦) ، وَسَيِّدُهُمْ يَرى ما يَصْنَعُونَ ؛ وَما فيهِ يَتَقَلَّبُونَ ، قَدِ انْهَمَلَتْ مِنْهُمُ الْعُيُونُ فَلا تَرْقَأُ (٧) ، وَاشْتَدَّ مِنْهُمُ الحُزْنُ بِحُرْقَةٍ لا تُطْفَأُ ».
__________________
١ ـ لظى اسم من أسماء النّار ، ولا ينصرف للعلميّة والتّأنيث. ( النّهاية )
٢ ـ أوقر الدّابّة إيقاراً : حملها ، وأوقر النّخلة : كثر حملها. والعَويل : رفع الصّوت بالبُكاء ، وقال في البحار : ذكر البُكاء ثانياً إمّا زيادة مِن النّسّاخ ، أو تأكيد ، أو المراد بالأوَّل البكاء عليه صلوات الله عليه ، وبالثّاني البكاء على نفسه.
٣ ـ قوله : « الّذين اُعادي » فيه التفاوت من الغيبة إلى التّكلّم ، ولا يبعد أن يكون في الأصل « الّذي » بصيغة الفرد ، والشّقّة ـ بالضّم والكسر ـ : النّاحية والسّفر البعيد. ( البحار )
٤ ـ قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله : المراد به الرّجوع في الرَّجعة ، أو إلى الزّيارة ، أو إلى أهلي ، والأوّل أظهر. وفي بعض النّسخ : « الكثرة » أي في الخيرات والمثوبات ، وهي تصحيف. وفي بعض النّسخ : « في أيّامكم الكرّة ».
٥ ـ في بعض النّسخ : « جنّات ».
٦ ـ في بعض النّسخ : « ولا يهرمون في نواحي يشهقون ».
٧ ـ انهملتْ عينه : فاضتْ. ورَقَأ الدَّمع ـ كجعل ـ : جَفّ وسَكن.