فيهِ ، وَبحقِّ هذِهِ الْقُبُورِ وَمَنْ أسْكَنْتَها ، أنْ تَكْتُبَ اسْمي عِنْدَكَ في أسْمائِهِمْ حَتّى تُورِدَني مَوارِدَهُمْ ، وَتُصْدِرَني مَصادِرَهُمْ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ».
وتقول : « رَبِّ أفْحَمَتْني ذُنُوبي (١) وَقَطَعَتْ مَقالَتي ، فَلا حُجَّةَ لي وَلا عُذْرَ لي ، فَأنَا المُقِرُّ بِذَنْبي ، الأسِيرُ بِبَليَّتي ، المُرْتَهِنُ بِعَمَلي ، المُتجَلِّدُ في خَطِيئَتي ، المُتَحَيِّرُ عَنْ قَصْدِي (٢) ، المُنْقَطَعُ بي ، قَدْ أوْقَفْتُ نَفْسي يا رَبِّ مَوقِفَ الأَشْقِياءِ الأذِلاّءِ المُذْنِبينَ ، المُجْتَرِئينَ عَلَيكَ ، المُسْتَخِفِّين بِوَعيدِكَ ، يا سُبْحانَكَ! أيَّ جُرْأَةٍ اجْتَرَءْتُ عَلَيْكَ ، وَأيَّ تَغْريرٍ غَرَّرْتُ بِنَفْسي ، وَأيَّ سَكْرَةٍ أوْبَقَتْني ، وَأيَّ غَفْلَةٍ أعْطَبَتْني ، ما كانَ أقْبَحَ سُوءَ نَظَرِي ، وَأوْحَشَ فِعْلي ، يا سَيِّدي فَارْحَمْ كَبْوَتي لحُرِّ وَجْهي (٣) ، وزَلَّةِ قَدَمي ، وَتَعْفيري في التُّرابِ خَدِّي ، وَنَدامَتي عَلى ما فَرَطَ مِنّي ، وأقِلْني عَثْرَتي ، وَارْحَمْ صَرْخَتي وَعَبْرَتي ، وَاقْبَلْ مَعْذِرَتي ، وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلي ، وَبإحْسانِكَ عَلى خَطيئاتي ، وَبِعَفْوِك عَليَّ ، رَبِّ أشْكُو إلَيْكَ قَسَاوَةَ قَلْبي ، وَضَعْفَ عَمَلي ، فَامْنَحْ بِمَسْأَلَتي (٤) ، فأنَا المُقِرُّ بِذَنْبي ، المُعْترِفُ بخَطِيئَتي ، وَهذِهِ يَدي وَناصِيَتي ، أسْتَكينُ لَكَ بِالْقَوَدِ مِنْ نَفْسِي ، فَأقْبَلْ تَوبَتي ، وَنَفِّسْ كُرْبَتي ، وَارْحَمْ خُشُوعي وَخُضُوعي وَانقِطاعي إلَيْكَ سَيِّدي! وا أسفى عَلى ما كان مِني وَتَمَرُّغي (٥) وَتَعْفِيري في تُرابِ قَبْرِ ابْنِ نَبيِّكَ بَينَ يَدَيْكَ ، فَأنْتَ رَجائي وَظَهْري وَعُدَّتي وَمُعْتَمَدي ، لا إله إلاّ أنْتَ ».
ثمَّ كبر خمسةً وثلاثين تكبيرةً ، ثمّ ترفع يديك وتقول :
« إلَيْكَ يا رَبِّ صَمَدْتُ مِنْ أرْضي ، وَإلَى ابْنِ نَبيِّكَ قَطَعْتُ البِلادَ رَجاءً لِلْمَغْفِرَةِ ،
__________________
١ ـ أي : اسكتَتْني ولم تدع لي عُذراً وجواباً. ( ملاذ الأخيار ) وفي القاموس : « فَحَمَ الرَّجل ـ كمنع ـ : لم يُطِقْ جَواباً ».
٢ ـ التَّجَلُّد : التَّكَلُّف ، أي أسعى فيه بغاية جَهدي وسَعيي. وقوله : « عن قصدي » أي عن مقصودي ، أو عن الطّريق المستقيم ، ويقال : فلانٌ انْقُطِعَ بِهِ مجهولاً أي عَجز عَن سَفَره. ( البحار )
٣ ـ الكَبْوَة : الانكباب على الوجه ، وحُرّ الوجه ـ بالضّمّ ـ ما أقبل عَلَيْكَ وبدالك منه.
٤ ـ منح أي أعطا ، وفي نسخة : « فارتح » يقال : ارتاح الله له برحمته أي انقذه مِن البليَّة ، والارتياح : النّشاط والرَّحمة.
٥ ـ في بعض النّسخ : « تضرّعي ». وتمرّغ في التّراب : تقلّب.