والنصف الآخر زمان الاُفول على التدريج.
ويحتمل أن يراد بهما الغروب في اُفق الغرب ، والطلوع من اُفق الشرق في كلّ يوم بليلته بالحركة الاُولى اليوميّة ، كما لسائر الأجرام والكواكب. وإنّما جعل ذلك من أحوال القمر مع شموله الكواكب بأسرها ، لكون التخلّف فيه عن تمام دورة معدّل النهار في كلّ يوم ، والإنتقال من المدار الطلوعي من المدارات اليوميّة إلى المدار الآخر الغروبي منها ، المختلفين إختلافاً بيّناً في القمر أمراً ظاهراً للحسّ غاية الظهور ، على خلاف الأمر في سائر الكواكب.
إذ حركته الخاصّة الذاتيّة الغربيّة على التوالي من الطولع إلى الطلوع ، لها مقدار صالح مستبين للحسّ لسرعتها ، ولا كذلك الحركات الذاتيّة الغربيّة لغيره من الكواكب عند الحسّ لبطوئها.
وهناك إحتمال آخر ثالث ولا يخلو من بعد ، وهو أن يجعل الإمتهان بالطلوع والاُفول وصفاً للقمر بحسب حال المتعلّق ، أعني منازله الثمانية والعشرين ، فإنّ كلّاً من تلك المنازل مستنير بضياء الشمس وشعاعها ثلاثة عشر يوماً بالتقريب.
ثمّ يبرز من تحت ضيائها فيظهر للأبصار ، ويكون اختفاؤه في البداءة أيضاً بضياء الشفق في العشيّات ، وظهوره للبصر في النهاية بالبروز من ضياء الفجر بالغدوّات ، فهذا الإستتار والإختفاء في ضياء الشفق يسمّى «اُفولاً وغروباً» والبروز والخروج من ضياء الفجر «ظهوراً وطلوعاً».
ويثبت لهذا الطلوع في التقاويم رقم «ع» في حاشية الصفحة اليمنى ولذلك في علم أحكام النجو أحكام مختلفة بحسب اختلاف أحوال المنازل وأوضاعها.
(١١) قوله عليه السلام : والإنارة والكسوف
الإنارة في اللغة يتعدّى ، فيكون بمعنى إعطاء النور وإفادة الضوء للغير ، ولا يتعدّى فيكون بمعنى الإستنارة والإستضاءة ، أي : كونه ذا نور وضياء.
والكسوف أيضاً يكون مصدراً للمتعدّي بمعنى الكسف والحجب ، يقال : كسفه كسفاً و