للحركات مع هذه العدة فلا بد من ساكن ، وقد تتوالى الأربعة متحركة في مثل علبط ولا يكون ذلك في غير المحذوف.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : اعلم أن سيبويه ذكر فيما مضى من الكتاب إدغام الحرف في نظيره إذا كانا من كلمة واحدة نحو مد يمد ورد يرد وأحمر يحمر فأصله ردد يردد واحمرر يحمرر وإنما يذكر في هذا الموضع إدغام الحرفين من جنس واحد في كلمتين ، أما إدغام الحرفين من جنس واحد في كلمة واحدة فهو واجب لا يجوز إظهاره إلا في ضرورة الشاعر كقولك : ردد يردد وضنن يضنن واحمرر يحمرر.
وقد أنشد سيبويه قول قعنب ابن أم صاحب :
مهلا أعاذل قد جربت من خلقي |
|
أني أجود لأقوام وإن ضنوا |
وأما إدغام الحرف في نظيره من كلمتين فهو على ضربين :
أحدهما : أن يكون الأول ساكنا والثاني متحركا وليسا من حروف المد واللين فإن الحروف المد في ذلك حكما يفرد ذكره في كلمة أو كلمتين ، والضرب الآخر أن يكونا متحركين فإن كان الأول ساكنا فالإدغام واجب ضرورة كقولك لم يرح حاتم ولم يقل لبر شيئا ، وقد دار فيها وإن كانا في كلمتين متحركين ؛ فالإدغام غير واجب في الكلام ولا في الشعر ، وأنت مخير فيه إن شئت أدغمت وإن شئت لم تدغم.
فابتدأ سيبويه فقال : فأحسن ما يكون الإدغام في الحرفين المتحركين اللذين هما سواء إذا كانا منفصلين أن تتوالى خمسة أحرف متحركة بهما فصاعدا وتوالي خمسة أحرف قولك : جعل لك وذهب بمالك وسرق قميصك ؛ فإن شئت أدغمت اللام من جعل في اللام من لك والباء من ذهب في الباء التي من بمالك والقاف من سرق في قاف قميصك فاستحسن سيبويه في مثل ذلك الإدغام لتوالي خمسة أحرف متحركة.
ثم قال : ألا ترى أن بنات الخمسة وما كان عدته خمسة لا تتوالى حروفها متحركة استثقالا للحركات مع هذه العدة يريد أنه لا يوجد في الكلام كلمة أصلها خمسة أحرف تتوالى حروفها متحركة ولا كلمة على خمسة أحرف ، وفيها زائد وزائدان توجد حروفها متحركة كلها فعلم بعدم ذلك في الكلام أن توالي خمس متحركات أهل من أن يكون فيها ساكن ؛ فلذلك كان الإدغام حسنا ، وعلى قياس ما قال : لو توالت ست متحركات ، وأكثر فالإدغام أحسن كقولك برع عمر وذهب بابك.
قال : وقد تتوالى الأربعة متحركة في مثل علبط ، ولا يكون ذلك في غير المحذوف