الكلمه وبعدها ثلاثة أحرف فرأيناها زائدة من الاشتقاق في أشياء كثيرة نحو الهمزة في أصفر وأشهب وأكرم ، وذلك أن الأصل فيه من الصفرة والشهبة والكرم. ثم ورد علينا أفكل وهو الرعدة ، وأيدع وهو صبغ وليس لهما اشتقاق ، إلا أن الهمزة قد وقعت منهما في الموضع الذي تقع فيه من الزائد الذي عرف بالاشتقاق وهو أصفر وأشهب ، فقضي على أفكل بزيادة الهمزة حملا على أصفر وبابه. ومن ذلك أن رأينا الألف زائدة في أشياء كثيرة إذا وقعت باشتقاق في نحو ثبات وقذال ، لأن ثباتا من ثبت ، وقذالا يجمع على أقذلة فتسقط الألف التي كانت بعد الدال ، فإذا ورد ما لا اشتقاق له والألف في هذا الموضع قضينا عليه بالزيادة نحو الألف الذي في حماط وآلاء وهما شجران.
وأما الذي يوزن به الكلام الأصلي فهو الفاء والعين واللام نحو كلب يمثّل ويوزن يفعل ، وقفل يوزن بفعل ، وكذلك ما سواهما ، ويكون نظم الحركات والسكون في المثال كنظمها في الممثل. فإذا كان الاسم أو الفعل على ثلاثة أحرف لم تزد على الفاء والعين واللام في المثال وإن كان على أربعة أحرف وكلها أصول جئت بالفاء والعين واللام ، ثم كررت اللام كقولك في مثال جعفر ودحرج : فعلل وفي حبرج : وزبرج فعلل تأتي بالفاء والعين واللام ، ثم تكرر اللام وتحرك الحروف على ترتيب الممثل من المثال ، وإن كان على خمسة أحرف نحو سفرجل : فعلّل ، وجردحل : فعللّ ، وتأتي بالحركات على نظمها وترتيبها. فإذا كان الاسم أو الفعل على أربعة أحرف أو أكثر وفيه زيادة في أوله أو وسطه أو آخره مثلت ما كان من الحروف أصليا بالفاء ثم بالعين ثم باللام وجئت بالزوائد على ألفاظها محكية بحروفها ، وذلك قولك في كوثر : فوعل ، والواو في كوثر زائدة والباقي من حروفه أصلي فوزنت الكاف بالفاء لأنها أصلية وجئت بالواو التي في كوثر على لفظها واوا في فوعل لأنها زائدة ، وجئت بالتاء فمثلته بالعين لأنها أصلية ، وكذلك قرنفل حروفه كلها أصلية إلا النون ، فإذا مثلته حكيت النون في المثال نونا والباقي من حروفه تمثله بالفاء والعين واللام فقلت : فعنلل ، ومثله في حيدر : فيعل ، وفي ضارب : فاعل : جئت باللام في المثال على لفظها لأنها زائدة قد وطّانا جمهور قصد التصريف والأبنية بما قدمناه وشملناه ما يأتي من كلام سيبويه في الأبنية ، وأنا ابتدئ شرح اللغة من مثالاته والزيادة في إيضاح ما استغلق من كلامه ، وتقصي ما قصرت فيه إشفاقا من قصور فهم المبتدئ واتكالا على ما يأتي إذا بلغت إليه.
أما الباب الأول الذي ذكرناه فغرض سيبويه أن يذكر الأبنية الأصلية وهي العشرة