قال امرؤ القيس :
فدع ذا وسلّ الهمّ عنك بجسرة |
|
ذمول إذا صام النّهار وهجرا |
قال سيبويه : " وأما قد فجواب لقوله لما يفعل ، فيقول : قد فعل".
قال الخليل : هذا الكلام لقوم ينظرون الخبر".
يعني أن الإنسان إذا سأل عن فعل فاعل ، أو علم أنه يتوقع أن يخبر به ، قيل له : قد فعل ، وإذا كان المخبر مبتدئا ، قلت : فعل فلان كذا وكذا ، وإذا أردت أن تنفي والمحدث يتوقع إخبارك عن ذلك الفعل قلت لما يفعل ، وهو نقيض قد فعل ، وإذا ابتدأت قلت لم يفعل ، وإنما دخلت" ما" على" لم" فغيرت المعنى كما غيرت" لو" إذا قلت" لو ما" ونحوها ، ألا ترى أنك تقول" لما" ولا تتبعها شيئا ، ولا تقول ذلك في" لم".
قال أبو سعيد : العرب تتسع في حذف الفعل بعد قد وبعد لما ، لأنهما لتوقع الفعل أو لفعل قد دل عليه ما قبله ، فيقول القائل : يريد زيد أن يخرج ولما ، أي" ولما يخرج" ، و" كأن قد" ، أي و" كأنه قد خرج" ، ويريد" أن يخرج ولما" ، أي" ولما يخرج". قال النابغة :
أفد الترحّل غير أنّ ركابنا |
|
لما تزل برحالنا وكأنّ قد (١) |
أي كأن قد زالت.
قال سيبويه : " وقد تكون قد بمنزلة ربما ، قال الهذلي :
قد أترك القرن مصفرا أنامله |
|
كأنّ أثوابه مجت بفرصاد (٢) |
كأنه قال" ربما".
قال سيبويه : " وأما لو فلما كان سيقع لوقوع غيره. وأما" يا" فتنبيه ، ألا تراها في النداء وفي الأمر كأنك تنبه المأمور" قال الشماخ :
ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال"
قال أبو سعيد : كأنه قال اسقياني ، وقوله : ألا ويا جميعا للتنبيه ، وقد تكون يا لتنبيه
__________________
(١) انظر خزانة الأدب ٣ / ٢٣٢ ، الدرر اللوامع ١ / ١٢١.
(٢) انظر المخصص ١٤ / ٥٥ ، ابن يعيش ٨ / ١٤٧ ، الخزانة ٤ / ٥٠٢ ، ونسب إلى عبيد ابن الأبرص في شرح أبيات سيبويه ٢ / ٣١٧.