يمكن الوصول الى الاجتناب عن ذلك النجس أو المحرم إلا بالاجتناب عن الجميع وجب اجتناب الجميع من باب ان ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، ونظيره في الأحكام غير عزيز فان من فاتته صلاة فريضة واشتبهت بباقي الخمس وجب عليه الإتيان بالجميع نصا وفتوى بالتقريب المذكور ، واما لو لم يكن محصورا كالموجود بأيدي الناس وفي الأسواق فإنه لا يقطع بوجود المحرم ولا النجس فيما يراد استعماله منه وان علم وجوده في الواقع ونفس الأمر ، ومن هنا حكم الشارع بحل ما في أيدي المسلمين وأسواقهم وطهارته وجواز شرائه وان علم وجود الحرام والنجس في أيدي بعض الناس الغير المعلومين ، وهذا هو الذي وردت فيه صحيحة زرارة المذكورة في كلامه ونحوها وورد فيه «ان كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه» (١). وورد «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر» (٢). فهذه الاخبار انما وردت في غير المحصور دون المحصور بمعنى ان كل شيء له افراد بعضها طاهر وبعضها نجس أو بعضها حلال وبعضها حرام فان الحكم فيها الطهارة والحلية حتى يعلم كونه من الافراد المحرمة أو النجسة ، ومن هنا دخلت الشبهة على جملة من أفاضل متأخري المتأخرين حيث أجروا هذه الاخبار في قسم المحصور ومنهم السيد المذكور ونحوه ممن حذا حذوه في مسألة الطهارة والنجاسة والمحدث الكاشاني والفاضل الخراساني في مسألة اختلاط الحلال بالحرام فحكموا بحل الجميع في المحصور ، وهذا غلط نشأ من عدم التأمل في الاخبار ، وقد أشبعنا الكلام معهما في الدرر النجفية.
ومما يوضح ما قلناه موثقة مسعدة بن صدقة عن الصادق (عليهالسلام) (٣) قال : «سمعته يقول كل شيء هو لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك ، وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة ، والمملوك عندك وهو حر
__________________
(١ و ٣) رواه في الوسائل في الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به.
(٢) رواه في الوسائل في الباب ٣٧ من النجاسات.