بعد ان افتى فيه بمضمون صحيحة الحلبي حيث قال (عليهالسلام) (١) : «وان أصابك بول في ثوبك فاغسله من ماء جار مرة ومن ماء راكد مرتين ثم أعصره ، وان كان بول الغلام الرضيع فصب عليه الماء صبا وان كان قد أكل الطعام فاغسله ، والغلام والجارية سواء ، وقد روي عن أمير المؤمنين (عليهالسلام) انه قال لبن الجارية يغسل منه الثوب قبل ان تطعم وبولها لان لبن الجارية يخرج من مثانة أمها ، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا من بوله قبل ان يطعم لان لبن الغلام يخرج من المنكبين والعضدين». انتهى. وبهذه العبارة من أولها إلى آخرها عبر الصدوق في الفقيه بتغيير ما. وأنت خبير بان كلامه في الكتاب المذكور وفتواه بما ذكره أولا ظاهر في خلاف الرواية المذكورة ولم يتعرض (عليهالسلام) لبيان الوجه فيها ، ولعل الوجه فيه هو كون هذه الرواية من مرويات العامة عنه (عليهالسلام) فاقتصر على نقلها وعدم ردها تقية وإيهاما لجواز القول بها فإنه (عليهالسلام) كثيرا ما يروى في هذا الكتاب أمثال ذلك كما نبه عليه ايضا شيخنا المولى محمد تقي المجلسي ، وقد تقدم ذكر ذلك في الكتاب ، والظاهر من الرواية المذكورة هو طهارة البول مثل اللبن لان ظاهر الجمع بينهما في عدم الغسل ذلك ، إذ الحكم بعدم الغسل انما تعلق أولا باللبن الذي لا خلاف في طهارته عندهم ثم عطف البول عليه فهو يقتضي كونه كذلك ، وتأويلهم الرواية بأن انتفاء الغسل لا يستلزم نفي الصب انما يتم لو لم يذكر في هذه العبارة سوى البول ونفي الغسل انما وقع في الرواية عن اللبن والبول انما عطف عليه بعد ذلك ، والقول بالتأويل المذكور لا يصح إلا بإدخال اللبن في هذا الحكم وهم لا يقولون به ، وبالجملة فإن التأويل المذكور لا يقبله سياق الخبر.
ثم انه مما يدل بظاهره على ما دل عليه الخبر المشار اليه ما رواه شيخنا المجلسي في البحار (٢) عن كتاب النوادر للقطب الراوندي بإسناده فيه عن موسى بن جعفر عن آبائه (عليهمالسلام) قال : «قال علي (عليهالسلام) بال الحسن والحسين على ثوب
__________________
(١) ص ٦.
(٢) رواه في مستدرك الوسائل في الباب ٢ من أبواب النجاسات.