قليلاً قليلاً فجعلت تزداد كل يوم بسبب تحسينهم وتنميقهم لها ، حتى آل الأمر الى أن صار لها اليوم مظهر عظيم في كل مكان يوجد فيه مسلمون حتى أنها سرت شيئاً فشيئاً بين الأقوام وأهل الملل الاخرى ، خصوصاً في الصين والهند ، وعمدة أسباب تأثيرها في أهل الهند ، هو أن المسلمين جعلوا طريقة إقامة العزاء مشابها لمراسيم إقامة العزاء عند أهل الهند. وقبل مائة سنة لم تكن إقامة عزاء الحسين شائعة في الهند شيوعاً تاماً وظاهرة علناً ، وفي هذه المدة القليلة استوعبت بلاد الهند من أولها الى آخرها ، ويظهر أنها في كل يوم في زيادة. ولعدم اطلاع بعض مؤرخينا على كمية وكيفية هذه المآتم ورواجها استرسلوا في كلامهم علىغير علم ، وجعلوا يصفون إقامة أتباع الحسين لها بأنها أفعال جنون ولم يقفوا أبداً على مقدار ما أحدثته هذه المسألة من التغييرات والتبدلات في الاسلام ، والحس السياسي ، والثوران والهيجان المذهبي ، التي ظهرت في هذه الفرقة من إقامة هذه المآتم لم يرمثلها في قوم من الأقوام. إن من يسبر غور الترقيات التي حصلت في مدة مائة سنة لأتباع علي في الهند ـ الذين اتخذا إقامة هذه المآتم شعاراً لهم ـ يجزم بأنهم متبعون أعظم وسيلة للترقي. كما أن أتباع علي والحسين في جميع بلاد الهند كانوا يعدون على الأصابع ، واليوم هم في الدرجة الثالثة بين أهل الهند من حيث العدد ، وكذلك في سائر البلدان. وعندما نقيس منهم دعاتنا « المبشرين » مع صرف تلك القوة والثورة بمنهج دعاة هذه الفرقة ، نرى أن دعاتنا لم يحوزوا العشر من تقدم هذه الفرقة ، رؤساء ديننا وإن كانوا يحزنون الناس بذكر مصائب حضرة المسيح ، ولكنه ليس بذلك الأسلوب والشكل الذي يتخذه أتباع الحسين. ويحتمل أن يكون السبب في ذلك أن مصائب المسيح في جنب مصائب الحسين لا تكون مؤثرة ومشجية للقلب ، بتلك الدرجة التي لمصائب الحسين على مؤرخينا أن يطلعوا على حقائق رسوم وعادات الأغيار ، ولا ينسبونها الى الجنون ».
ثم يستطرد هذا المحقق الألماني ويقول :