وظهره ، فإنه عاق قاطع ، فإن مضيت لأمرنا جزيناك خيرا ، وإن أبيت فاعتزل عملنا وجندنا ، وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر ، فإنا قد أمرناه ، والسلام.
فلما جاء شمر بالكتاب إلى عمر وقرأه قال : ويلك ، لا قرب الله دارك ، قبح الله ما قدمت به عليّ ، والله إني لأظنك أنت ثنيته أن يقبل ما كتبت به إليه ، وأفسدت علينا أمرا قد كنا رجونا أن يصلح ، قال : فقال : أخبرني ما أنت صانع لأمر أميرك؟ أتقاتل عدوه ، وإلّا فخل بيني وبين الجند والعسكر. فقال : لا ، ولا كرامة ، ولكن أنا أتولى ذلك. قال : فدونك. فنهض إليه عشية الخميس لتسع مضين من المحرم ، وجاء شمر حتى وقف على أصحاب الحسين فقال : أين بنو أختنا؟ فخرج إليه العباس وعبد الله وجعفر بنو علي ، فقالوا : مالك وما تريد؟ قال : أنتم يا بني أختي آمنون ، قالوا : لعنك الله ، ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا أمان له؟! فنادى عمر : يا خيل اركبي وأبشري.
فركب في الناس ، ثم زحف نحوهم بعد صلاة العصر ، وحسين جالس. أمام بنيه مجتثيا بسيفه إذ خفق برأسه على ركبتيه ، فسمعت أخته الضجة ، فقالت : يا أخي ، أما تسمع الأصوات قد اقتربت؟ فرفع رأسه فقال : إني رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في المنام فقال لي : إنك تروح إلينا فلطمت أخته وجهها وقال له العباس : يا أخي ، أتاك القوم. فنهض وقال : يا عباس ، اركب [بنفسك] أنت يا أخي حتى تلقاهم فتقول لهم ما لكم وما بدا لكم. فأتاهم العباس في نحو من عشرين فارسا ، فقال : ما تريدون؟ فقالوا : جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو نناجزكم. قال : فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم. فوقفوا ، فرجع إلى الحسين فأخبره الخبر ، ثم رجع إليهم فقال : يا هؤلاء ، إن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ننظر في هذا الأمر ، فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله ، وإنما أراد أن يوصي أهله ، فقال عمر للناس : ما ترون؟ فقال له عمرو بن الحجاج : سبحان الله ، والله لو كان من الديلم ، ثم سألك هذا لكان ينبغي أن تجيبه ، فجمع الحسين