__________________
إن ما يلفت النظر في هذه المناظرة الهامة هو أن المأمون لا يتخذ قرابة علي من الرسول أساسا للتفضيل ، بل يتخذ العمل الصالح وحده أساسا لذلك.
وقال المؤرخ الفاضل الشيخ محمد العربي التباني مدرس مدرسة الفلاح والحرم المكي في «تحذير العبقري من محاضرات الخضري أو إفادة الأخيار ببراءة الأبرار» (ج ٢ ص ١٠٤ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت) :
تقدمت آثار كثيرة دالة على غزارة علمه واعتراف الصحابة والتابعين له بذلك وثنائهم عليه في مقدمتهم الفاروق ، وتقدم أيضا حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ، وهذا الحديث رواه الطبراني في الكبير وأبو الشيخ في السنة والحاكم في المستدرك وصححه عن ابن عباس مرفوعا وحكم عليه ابن الجوزي بالوضع وردّ عليه الحافظ العلائي ردا علميا وقال : الصواب إن الحديث حسن وبهذا أفتى الحافظ ابن حجر من سأله عنه فقال : الصواب خلاف قولهما وإن الحديث من قسم الحسن لا يرتقي إلى درجة الصحة ولا ينحط إلى درجة الوضع.
وقال الفاضل المعاصر الشريف علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا سنة ١٣٧٢ في كتابه «أحسن القصص» (ج ٣ ص ٢٠٥ ط دار الكتب العلمية في بيروت) :
علمه : أما علمه كرم الله وجهه ، فمما لا جدال فيه ، يشهد بذلك قوله صلىاللهعليهوسلم أنا مدينة العلم وعلي بابها وهذا حديث حسن أخرجه الترمذي ، وتشهد بذلك آثاره من وعظ ، وخطب ، ونثر ونظم ، وبدائع وحكم ، كلها مدونة في كتبه المشهورة المنشورة بين الأمم مثل نهج البلاغة وغيره.
وهو أول من ابتدع علم النحو وأنشأه ، وأملى على أبي الأسود الدؤلي قواعده وأصوله ، وقال له انح هذا النحو يا أبا الأسود ، وكان أفصح الفصحاء ، وأبلغ البلغاء وأخطب الخطباء. وكان رضياللهعنه أبرع الصحابة في علوم الدين ، إماما ثبتا في الفقه والتفسير حجة في الفتوى ، ليس أدل على ذلك من أن عمر بن الخطاب رضياللهعنه رجع إليه في كثير من المسائل التي أشكلت عليه وعلى غيره من الصحابة ، وقال غير