فقال علي : يا رسول الله! لقد ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت هذا بأصحابك ما فعلت غيري ، فان كان هذا من سخط عليّ فلك العتبى والكرامة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : والّذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي ، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ، وأنت أخي ووارثي ، قال : وما أرث منك يا رسول الله؟ قال : ما ورثت الأنبياء من قبلي ، قال : وما ورثت الأنبياء من قبلك؟ قال : كتاب ربهم وسنة نبيهم ، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي ، ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) المتحابين في الله ينظر بعضهم إلى بعض (١).
__________________
(١) قال العلّامة الشيخ محمد بن طلحة الشافعي : في «مطالب السؤول» ص ١٨ طبع طهران في شهر صفر ١٢٨٧ ـ في شرح معنى الأخوة :
قد صرح بعض الأحاديث المتلوة والأخبار المجلوة بثبوت الإخوة وصرح بعضها بجعله منه بمنزلة هارون من موسى وبعضها بأنت مني وأنا منك وبعضها علي مني وأنا من علي ، فهذه الألفاظ الشريفة النبوية قد دلّ كل واحد منها على المعنى المختصّ به وأنا أوضح كيفيّة دلالة كل واحد من تلك المعاني على الفضيلة الخالصة لعلي (ع) منه.
فأوّل ذلك قوله (ص): أنت أخي ؛ فاعلم هداك الله سنن السداد إنّ الأخوة معنى إضافي يستحيل ثبوته لأحد الشخصين دون الآخر فمن ضرورة كون أحدهما أخا أن تعمّهما الإخوة وتشملهما في الاخوة سواء كل واحد منهما أخا لصاحبه غير أن الإخوة لها حقيقة ولتلك الحقيقة لوازم فإذا ذكرت اللفظة الموضوعة لتلك الحقيقة مضافة إلى شخص دلّت على وجود تلك الحقيقة لذلك الشخص إن أمكن وإن كان غير ممكن حملت تلك اللفظة على لوازم الحقيقة عملا باللفظ ومحافظة على صحته بقدر الإمكان وصيانة له عن الإلغاء ، وحقيقة الأخوة بين الشخصين كونهما مخلوقين من أصل واحد بغير واسطة ، وهذه الحقيقة منتفية هاهنا وإن النبي (ص) مخلوق من عبد الله وآمنة وعلي (ع) مخلوق من أبي طالب وفاطمة بنت أسد فتعين صرف اللفظة إلى لوازم