__________________
الحقيقة وحمله على تلك اللوازم ، ولوازم حقيقة الاخوة المناصرة والمعاضدة والإشفاق وتحمّل المشاق فيصير معنى قوله أنت أخي في الدنيا والآخرة إنني ناصرك وعضدك ومشفق عليك ومعتن بك وقد أشار النبي (ص) في الحديث الصحيح : انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقال السامع : أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ قال : تمنعه من الظلم فذلك نصرك إيّاه فجعل النبي النصرة من لوازم الإخوة ثم إنه (ص) لما آخى بين أصحابه كان ذلك مطلوبه ومقصوده فعقد الإخوة بين إثنين إثنين منهم حثا على التناصر والتعاضد وجعل كل واحد مواخيا لمن تقرب منه درجته في المماثلة والمساواة فآخى بين أبي بكر وعمر وآخى بين عثمان وعبد الرحمن بن عوف وآخى بين طلحة ابن عبيد الله والزبير بن العوام وآخى بين أبي ذر الغفاري والمقداد بن عمرو وأخي بين معاوية بن أبي سفيان والحباب بن يزيد المجاشعي فصارت المؤاخاة المذكورة سببا لاشتمال كل واحد على مناصرة صاحبه ومعاضدته منزلا لها منزلة إخوة النسب حتى أنّ معاوية بن أبي سفيان في أيّام ولايته بالشام لمّا مات الحباب عنده حاز ميراثه بهذه الأخوة ، فقال الفرزدق الشاعر في ذلك يخاطب معاوية :
أبوك وعمي يا معاوية أورثا |
|
تراثا فيحتاز التراث أقاربه |
فما بال ميراث الخنات أكلته |
|
وميراث حرب جامد لك ذائبه |
(إيقاظ وتنبيه)
انظر أيدك الله بنور منه إلى التناسب في الميراث والتقارب في التصاحب بين كل اثنين من المتواخيين المذكورين ، فإنه لو لم تكن تقارب التعادل في مراتب المنازل حاصلا لمن تواخى لما انتظم المقصد المطلوب من المؤاخاة في سلك الكمال ولا حجم بعض النفوس البشرية عن إيفاء ثمرة الإخاء عند التباعد في درجة الاعتدال ثم أمعن نظرك الصائب وفكرك الثاقب يرشدك إلى سنن الاهتداء لهذه الحال ويرقدك بحكم اختصاص النبي (ص) عليا بأخوته مع كونه من الآل وفي ذلك ما يؤذن بعظيم قدر علي وشرف محله والمآل ، ولهذا كان يفتخر بها ويقول في كثير من الأوقات : أنا عبد الله وأخو رسول الله لا يقولها أحد بعدي الّا كذّاب.