__________________
هما بالاختيار أن يقع خيرتهما عن المنافق وهما لا يظنان أنه مؤمن؟ قيل : لا ، قال : فهذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلا لم يشك في إيمانهم وإخلاصهم فوقعت خيرته على المنافقين إذ قال عزوجل (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا) فلما وجدنا من قد اصطفاه الله تعالى للنبوة وقع على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن الاختيار لمن لا يعلم ما تخفي الصدور وما تكن الضمائر ولا يعرف السرائر مفسدة وأن الأخطر اختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد من حيث أرادوا الإصلاح.
ومنها ما رووه من كلام الإمام علي الرضى : الإمام واحد دهره لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ولا يوجد منه بدل ولا له مثيل ولا نظير مخصوص بالفضل كله من غير طلب منه ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهاب ، فمن ذلك الذي يبلغ معرفة الإمام أو يمكنه اختياره؟ هيهات ، هيهات ، ظلت العقول وحارت الألباب وكلت الشعراء وعجزت الأدباء وعييت البلغاء عن وصف شأن من شئونه أو فضيلة من فضائله ، وأقرت بالعجز والتقصير فكيف لهم باختيار الإمام : عالم لا يجهل وداع لا ينكل ، معدن القدس والطهارة والنسك والزهد والعبادة مخصوص بدعوة الرسول ونسل المطهرة البتول.
وقال الفاضل المعاصر الدكتور محمد عابد الجابري في كتابه «بنية العقل العربي» (ص ٣١٩ الطبعة الثالثة ، مركز دراسات الوحدة العربية ـ بيروت) :
بعد سرد موقف أهل السنة في الامامة : أما الشيعة فلقد كان لهم ولا يزال موقف مخالف تماما «قالوا : ليست الامامة قضية مصلحية (أي من المصالح العامة الدنيوية) تناط باختيار العامة وينتصب الامام بنصبهم ، بل هي قضية أصولية وهي ركن من أركان الدين لا يجوز للرسول عليهالسلام إغفاله وإهماله ولا تفويضه إلى العامة وإرساله (تركه مرسلا بدون تخصيص). ويجمعهم الشيعة : القول بوجوب التعيين والتنصيص وثبوت عصمة الأنبياء والأئمة وجوبا عن الكبائر والصغائر. والامامية منهم ، وهم