الذي وضع الخطوط الأولى للمسيرة الدعائية بتعليمه لأول مخلوقين من البشر كيف يدعوان ، وكيف يتضرعان .
وعندما يتعرض القرآن الكريم لقصة ابراهيم « عليه السلام » في مناجاته مع ربه نراه يذكر الآيات التالية :
( رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ . وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ . وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ . وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ . وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ) (١) .
ان هذه الطلبات المتوالية ليست الا الدعاء الى الله لتحقيق ما تحمله هذه الفقرات من متطلبات .
وفي مشهد آخر نرى الآيات الكريمة تنقل عرضاً منسقاً لقصة ابراهيم مع زوجته ( سارة ) عندما أمره الله تعالى بالهجرة لإِبعاد زوجته الثانية ( هاجر ) ، وطفلها إسماعيل عن المكان الذي يسكن فيه لمضايقتهم لزوجته الأولى ( سارة ) ، ولسنا في صدد بيان السبب في هذا الإِبعاد ، فلكتب التفسير والمصادر التي تكفلت لعرض قصص الأنبياء مجالها في ذلك بل المهم من نقل هذا المشهد هو ملاحظة الفقرات الدعائية ، التي جاءت على لسان إبراهيم « عليه السلام » .
وتسير القافلة الصغيرة تقطع الوديان لتصل الى مكان البيت الحرام فتؤمر بالنزول .
ويحط الركب في قلب الصحراء المترامية على غير كلأ ، ولا ماء وتنتهي مهمة الأب فلا بد له من الرجوع الى مكانه ، ويلقي نظراته
__________________
(١) سورة الشعراء : آية (٨٣ ـ ٨٧) .