القيامة ينال جزاءه ، وحينئذٍ تكون حياته مشجعة لغيره ممن ينهج على نهجه ويسير على خطاه ؟
وطبيعي أن يكون الجواب بالنفي ، بل لا بد من إنزال العقوبة به في الدنيا ليكون عبرة لغيره لتستقيم تلك الأمور .
وكان جزاؤه ، وحسماً لمادة الفساد أن خسف الله به ، وبداره الأرض فضم الثري بين جنبيه رمز الظلم ، والخيانة ، فكان هذا حظه في الدنيا ، وله من عقاب الآخرة ما لا يعلمه الا الله سبحانه .
وفي سورة أخرى من سور القرآن الكريم تطالعنا الآيات بصورة اخرى لمثل هذا النوع من العقاب المتوخى منه حسم مادة الفساد قال تعالى : ( فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) (١) .
لقد أذاقهم الله العذاب في الدنيا لأن هؤلاء البغاة الكفرة ظلموا الناس ، وتجاوزوا ، واستعلوا عليهم ، وخالفوا أوامر الله ، ونواهيه بل ، وأشركوا به فعجل لهم العذاب في الدنيا نتيجة جرائمهم البشعة فمن أخذته الصيحة في الآية الكريمة فهم : ثمود ، وقوم شعيب . والمراد بالصيحة هي ( العذاب ) اما من خسف به الأرض فهو : قارون ، ومن كان جزاؤه الغرق فهو : فرعون ، وقومه ، وقوم نوح (٢) .
__________________
(١) سورة العنكبوت : آية (٤٠) .
(٢) راجع مجمع البيان في تفسيره لهذه الآية الكريمة .