لا نرى داعياً للتوغل في تعريفها ، ولذلك نعود لنلتمس ما يقصده الدعاء من توجيه الداعي الى الإِعتراف بخيانة النفس .
والملاحظ : أن الدعاء في الفقرة السابقة القى اللوم على الدنيا لأنها خدعته بغرورها ، وفي هذه الفقرة القى التبعة على نفسه فهي التي خانته ، وأوردته هذه الموارد ، ولكن الخيانة لمن ؟ ومع من كان نقض العهد ؟ بعد ان عرفنا أن الخيانة هي نقض العهد في اللغة ، وكذا في المصطلح العلمي الخاص .
وهذا ما لم يذكر في نصوص الدعاء إلا أننا من التناسق الدعائي ومن خصوصية المورد بكامله نعلم أن الخيانة إنما كانت لعهد النفس مع الله عندما نالت شرف الإِسلام ، وأسلمت بالرسالة المحمدية . ذلك أن الفرد عندما يسلم ، أو يصل الى سن التكليف ، فيختار الاسلام ديناً له يجعل المظهر لذلك إعلان الشهادتين بقوله :
« أشهد أن لا إلۤه الا الله وأشهد أن محمداً رسول الله » .
وبإظهار هذه الشهادة تترتب المظاهر الخارجية ، والتي يتمتع بها وبتعبير أوضح نقول : ان إسلام الفرد ينبني على مظهر خارجي وهو إظهار الشهادتين أمام الناس ، وفي المجتمع ، وما يترتب على ذلك من إطاعة القوانين ، وعدم الخروج عليها .
وعلى مبدأ داخلي ذاتي يكون بين الإِنسان وربه تعهد بأن يؤمن به حقاً ، ويعترف به ، وبصفاته ، وان يمتنع عن كل ما نهي عنه مما لا يطلع عليه الا الله .
وهذا الجانب الداخلي
يعطيه الله اكثر اهمية لأنه يجعل من الفرد إنساناً كاملاً بنفسه ، وبدون رقيب خارجي يوقظه الى مثل هذا