« اللهم اني أعوذ بك من دنيا تمنع الآخرة ، واعوذ بك من حياة تمنع خير الممات ، وأعوذ بك من أمل يمنع خير العمل » (١) .
ومثل ذلك ما ورد في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : « ليس منا من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه » (٢) .
ان هذه الموازنة بني أعمال الدنيا ، والآخرة هي التي يريدها المشرع الإِسلامي ، فيعطي الجانب الدنيوي حقه ليعمل كأنه يعيش الى آخر الزمن فلا يتقاعس عن متطلبات الحياة الاجتماعية ـ وفي الوقت نفسه ـ عليه ان لا يغفل عن آخرته ليجمع بين الجانبين . أما الإِنهماك في الأعمال الدنيوية ، أو الرهبنة ، والاتجاه الى الحياة الأخروية فهذا ما لا يريده الإِسلام للأمة في كل أدوارها ، وأجيالها المتعاقبة ، فالدنيا التي تمنع الآخرة يتعوذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم منها في الحديث الثاني ، لأن هذا الإِنهمال معناه : أن يخسر الآخرة ، ويخسر من وراء ذلك معنى العبادة والتي هي الغاية من خلق الإِنسان ، واتيانه لهذه الحياة .
وإذاً فالطريق الوسط هو ان يعيش الإِنسان دنياً لا تمنعه من آخرته ، ولا آخرة تستوجب إهمال دنياه ، بل يجمع بين الأثنين .
عمل : شعاره العبادة .
وعبادة : لا تنفك عن العمل .
والجمع بين هذين إنما يتحقق بالتوجه « الى الله بكل حركة في
__________________
(١ ـ ٢) جامع السعادات : ٣ / ٣٦ .