ف «أرضيه» منصوب ب «أن» محذوفة جوازا بعد الفاء : لأن قبلها اسما صريحا ، وهو «توقّع» ، وكذلك قوله تعالى : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً)(١) ف «يرسل» منصوب ب «أن» الجائزة الحذف ؛ لأن قبله «وحيا» وهو اسم صريح.
فإن كان الاسم غير صريح ـ أي : مقصودا به معنى الفعل ـ لم يجز النصب ، نحو «الطائر فيغضب زيد الذباب» ف «يغضب» يجب رفعه ؛ لأنه معطوف على «طائر» وهو اسم غير صريح ؛ لأنه واقع موقع الفعل من جهة أنه صلة لأل ، وحقّ الصّلة أن تكون جملة ، فوضع «طائر» موضع «يطير» ـ والأصل «الذي يطير» ـ فلما جيء بأل عدل عن الفعل في اسم الفاعل لأجل «أل» ؛ لأنها لا تدخل إلا على الأسماء.
وشذّ حذف «أن» ونصب في سوى |
|
ما مرّ ، فاقبل منه ما عدل روى |
* *
لمّا فرغ من ذكر الأماكن التي ينصب فيها ب «أن» محذوفة ـ إما وجوبا وإما جوازا ـ ذكر أنّ حذف «أن» والنّصب بها في غير ما ذكر
__________________
(١) آية ٥١ سورة الشورى وهي : «وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ». ما : نافية ، كان فعل ماض ناقص ، لبشر : جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان أن حرف مصدري ونصب واستقبال ، يكلمه : يكلم فعل مضارع منصوب بأن ، والهاء : مفعول به ، الله : فاعل مرفوع ، أن وما بعدها في تأويل مصدر اسم كان أي ما كان تكليم الله حاصلا لبشر ، إلا : أداة استثناء ، وحيا مستثنى بإلا ، أو حرف عطف ، من وراء : جار ومجرور متعلق بمحذوف تقديره أن يكلمه ـ وهذا المحذوف معطوف على وحيا والتقدير : إلا أن يوحي إليه وأن يكلمه ـ وراء : مضاف حجاب مضاف إليه ، أو حرف عطف ، يرسل فعل مضارع منصوب بأن المضمرة جوازا بعد الفاء العاطفة على اسم خالص من التأويل ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى لفظ الجلالة ، وأن المضمرة وما بعدها في تأويل مصدر معطوف على وحيا والتقدير : إلا وحيا أو إرسال رسول. رسولا : مفعول به.