فضلاً عن نص الرسول الأمين عن رب العالمين وقد ظهرت الدلائل عند ماء الحوأب (١) ولكنها مرت على غلوائها ولم يردعها ذلك .
ولم تكتف بما فعلت بل أرسلت عائشة إلى حفصة وغيرها من اُمهات المؤمنين ( كما نص عليه غير واحد من اثبات أهل الأخبار ) تسألهن الخروج معها الى البصرة فما اجابها الى ذلك منهنّ إلّا حفصة ، لكن أخاها عبد الله أتاها فعزم عليها بترك الخروج ، فحطت رحلها بعد أن همت (٢) .
وكان ما كان يوم الجمل من دماء مسفوكة ، وحرمات مهتوكة ، فصلّها أصحاب الأخبار ، وكانت كما يقول العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين أساساً لصفين والنهروان ومأساة كربلاء وما بعدها حتى نكبة فلسطين في عصرنا هذا (٣) .
( وكان خروجها مخالفة لقوله تعالى ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّـهَ وَرَسُولَه ) (٤) ) .
ومخالفة لقوله صلى الله عليه وآله لنسائه بعد حجة الوداع : ( هذه ، ثم ظهور الحُصُر ) يعني الجلوس في البيوت .
وخلاصة القول في مسيرها قول سيد البلغاء في خطبة له :
أيها الناس ، إن عائشة سارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير ، وكل منهما يرى الأمر له دون صاحبه ، أما طلحة فابن عمها ، وأما الزبير فختنها ! والله إن راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة ، ولا تحل عقدة ، إلّا في معصية الله وسخطه (٥) .
__________________
(١) وذلك بتحذير رسول الله صلى الله عليه وآله لها أن تكون صاحبة الجمل الأدب وتنبحها كلاب الحوأب .
(٢) شرح نهج البلاغة ٦ : ٢٢٥ .
(٣) النص والاجتهاد : ٣١٢ .
(٤) الاحزاب : ٣٣ .
(٥) أبي هريرة : ١٧١ عن تاريخ أبي الفداء ١ / ٧٨ .