|
الذين قاموا بتدوين الحديث في القرن الثالث ، ولم يقل أحد منهم أنه اعتمد في جمع السنة على صحيفة من هذه الصحف). |
فمالصادرة ـ كما يقول أهل المنطق ـ واضحة في دعواه الأولى ودليلها بفارق واحد ، وهو أن الدعوى هي كون الترخيص لبعض من يعرفون الكتابة والقراءة ، وأما الدليل فهو كون الترخيص لبعض من يحسنون ذلك؟! فهل يريد المؤلف أن يفرق بين من (يعرفون) وبين من (يحسنون)؟!
وأما تصحيحه للدعوى ، فهل يأمن أن يقول له المعارضون : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما منع بعض الصحابة ممن لم يعرفوا ـ أو لم يحسنوا ـ الكتابة والقراءة؟!
وإذا لم تشكل أدلة الإباحة دليلا على الجواز العام ، فلماذا شكلت أدلة النهي دليلا على المنع المطلق والعام؟!
وأما دعواه (أن الناس كانوا يتلفون ما يكتبون) فهل وجد له مصدرا دل على ذلك ، مما اتصل بعصر النبوة ، حتى يمكن نسبة ذلك إلى الشريعة؟!
وإذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أجاز للبعض ـ ممن يعرف أو يحسن ـ فلماذا لم يرد أن يكون كتابا يقرأ؟! فهل الكتاب يسجل إلا ليقرأ؟! وهل إتلاف الكتاب ـ بعد كتابته ـ يوافق المنطق والعقل السليم؟!
فلماذا لا ينقد المؤلف متن ما جاء بذلك من الأحاديث ـ لو وردت ـ وهو من دعاة النقد العقلي للحديث؟!
وأما استناده إلى ما بدر من الصحابة من التشدد في منع الكتابة ، فهو استدلال باجتهاداتهم مقابل نص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمره بالكتابة.
وهل عمل الخلفاء في القرن الأول ، يشكل دليلا ، في مقابل نص النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى يستند إليه ، فيدعي أن السنة قضت قرنا من الزمن غير مكتوبة؟!