العلوم والفضائل ما اشتهر عنهما في آفاق الدنيا ، وهو باق ما بقي الدهر (٢٩).
ولا بد لنا من التعقيب بما يلي :
أ ـ يبدو من هذا النص أن هذه الحادثة إنما وقعت في زمن لم يكن فيه الشريف أبو أحمد والد الشريفين حاضرا في بغداد ، إذ من البعيد جدا أن تتولى السيدة الجليلة أم الشريفين أخذهما إلى مجلس الأستاذ والوصاية بهما ، والأب حاضر متمكن من ذلك ، وهذا واضح لمن لاحظ القواعد الاجتماعية وآداب السلوك التي كانت قائمة يومذاك ، خاصة بالنسبة إلى بيوت الرفعة والجلالة ، وأسر الشرف والسيادة ، ومن أعلاها بيتا وأشرفها أسرة بيت الشريف أبي أحمد وأسرته.
ولا بد أيضا من أن تكون غيبة الشريف أبي أحمد عن بغداد غيبة طويلة ، لا تسمح ضرورة البدء بالتعليم في السن المناسبة بالإرجاء والتأخير إلى أن يحضر ويتولى الأمر بنفسه ـ وهو أولى الناس بهذا الأمر ـ
وللشريف أبي أحمد غيبتان عن بغداد طال أمدهما ، الأولى عندما قبض عضد الدولة عليه وعلى أخيه أبي عبد الله وعلى قاضي القضاة أبي محمد بن معروف سنة ٣٦٩ / ٩٧٩ وسيرهم إلى فارس ، ولم يعد إلى بغداد إلا سنة ٣٧٦ / ٩٨٦ ـ ٩٨٧ ، وقد أشرنا إلى هذا عندما تكلمنا عن مناظرات الشيخ المفيد (٣٠).
__________________
(٢٩) شرح نهج البلاغة ، ١ / ٤١ ـ وعنه ـ رياض العلماء ، ٤ / ٢٣ ـ ٢٤ ، دار السلام ، ١ / ٣١٨ ـ ٣١٩ ، تنقيح المقال ، ٢ ـ ١ / ٢٨٥ ، الدرجات الرفيعة / ٤٥٩ ـ والظاهر أنه أخذه عن ابن أبي الحديد ، فإنه حكاه بعين ألفاظه ، وإن لم ينسبه إلى أحد ـ وعنه لؤلؤة البحرين / ٣١٦ ، الكشكول لصاحب اللؤلؤة ، ١ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، وإن لم ينسبه ـ مستدرك الوسائل ، ٣ / ٥١٥ ، روضات الجنات ، ٤ / ٢٩٥ ، الغدير ، ٤ / ١٨٤ ـ وما بين المعقوفتين إضافة مني إكمالا للنص أو للتعريف ـ.
(٣٠) تراثنا ٣٠ ـ ٣١ / ٢٦٠ = الهامش.