وأحاديث المهدي المنتظر ، من هذا القبيل : فإنها من أخبار المستقبل الغائبة ، وليست مما للعقل إلى نفيه أو إثباته سبيل ، إذ هو أمر خاص ، والعقل إنما يحكم في الكليات ويدركها ، وليس في الالتزام بما تدل عليه الأحاديث ما يؤدي إلى المحالات العقلية ، أو مخالفة للمسلمات العقلية.
بل العقل إنما يذر هذا الأمر في بقعة الإمكان ، وما لم يقع على امتناعه برهان ، وليس على الله بمستبعد أن يدخر لهذه الأمة المؤمنة المجاهدة شخصا «مهديا» يهديهم إلى الفلاح وهو يقول : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).
وقد صحت الأحاديث والروايات ، بلغ فيها الرسول صلىاللهعليهوآله وسلم هذا الوعد إلى الأمة ، بأن الله سيبعث في آخر الزمان رجلا من أهل البيت اسمه «المهدي».
فما المانع من تصديقه؟!
وأي دليل عقلي يمنعه؟!
وأما الجزئيات والتفاصيل ، فقد أكدنا مرارا على أنها ليست بمثابة «الأصل المذكور» في التواتر والثبوت ، وإنما جاءت بها الأخبار الآحاد المتفرقة ، ولم تتم بها الحجة القاطعة ، ولو صح طريقها وسندها.
فلو عارضها دليل آخر ، من نقل مقطوع ، أو عقل جازم ولم يمكن تأويلها بما يوافق ذلك ، لزم رفضها ، وعدم الالتزام بها.
لكن ذلك لا يعني ـ إطلاقا ـ إنكار أصل مسألة المهدي المنتظر ، الثابت بالأخبار الكثيرة ، والمجمع عليه بين طوائف المسلمين.
وقد ذكر العباد في رده على بعض منكري المهدي ما نصه : إن خروج المهدي في آخر الزمان من الأمور الغيبية التي يتوقف التصديق بها على ثبوت النص فيها عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد ثبتت النصوص في خروج المهدي عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في آخر الزمان ، وأن