تاريخ تأليف المسند :
وقد جعل ابن حجر بداية فكرة تأليف الكتاب المسند ، على رأس المائتين (١١) وجعلها سزكين مع أواخر القرن الثاني (١٢).
ولكنا أثبتنا في بحثنا عن «المصطلح الرجالي : أسند عنه» أن فكرة تأليف المسند سبق ذلك بفترة طويلة ، فقد ألف مجموعة من أصحاب الأئمة : الباقر ، والصادق ، والكاظم عليهمالسلام ما يسمى ب «المسند» لكل واحد منهم (١٣).
وكتب «المسند» القديمة تبتني على جمع ما رواه واحد أو أكثر من الصحابة أو الأئمة أو الرواة ، مما اجتمع له لدى المؤلف من أحاديث مرفوعة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مسندة متصلة ، من دون ترتيب وتبويب (١٤).
وأما كتب «المسند» المتأخرة فهي تسمى بذلك لجمعها الأحاديث المسندة والمرفوعة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، من دون التزام راو معين ، أو مسند كذلك ، كما أنها تلتزم التبويب على المواضيع ، أو الترتيب على الحروف أو الكلمات ، لا على أسماء الرواة من الصحابة أو غيرهم (١٥).
وقد امتد عصر تأليف المسانيد إلى فترات متأخرة ، إلا أن القرن الثالث يعد بحبوحة عصر المسانيد ، فإن كثيرا منها قد ألف في هذا القرن بالذات ، وكثير من محدثي هذا القرن قد ألف ما يسمى بالمسند.
وفي مزدحم هؤلاء المؤلفين ، نجد الحبري ممن له عناية فائقة بالحديث تحملا وأداءا ، وتأليفا ، حيث إنه جمع في «التفسير» أسباب نزول الآيات
__________________
(١١) الرسالة المستطرفة : ٧ وبعدها.
(١٢) تاريخ التراث العربي ١ / ٢٢٧.
(١٣) لاحظ البحث المنشور في مجلة «تراثنا» الفصيلة ، العدد ٣ ، السنة الأولى ، ص ٩٩ ـ ١٥٤.
(١٤) الرسالة المستطرفة : ٦٠ ـ ٦١ ، وانظر : مسند ابن عمر : ٧.
(١٥) لاحظ الرسالة المستطرفة : ٧٤.