ولم يهتم المتقدمون بتعريف الإعراب بهذا المعنى رغم ممارستهم لعملية التحليل النحوي ، ولعل الدماميني (ت ٨٣٧ ه) أول من عرفه بأنه «إجراء الألفاظ المركبة على ما تقتضيه صناعة العربية ، كما يقال : أعرب القصيدة ، إذا تتبع ألفاظها ، وبين كيفية جريها على علم النحو» (١٢). وتبعه على ذلك الشمني (ت ٨٧٢ ه) فقال : الإعراب «تطبيق المركب على القواعد النحوية» (١٣). وقال الخضري : «ويطلق [الإعراب] على تطبيق الكلام على قواعد العربية ... ومنه قولهم : أعرب (جاء زيد) ، وهذا الاطلاق اصطلاحي أيضا ، لأن العرب لم تكن تعرف تلك القواعد ، ولا تطبيق الكلام عليها ، وإنما تنطق به مطابقا لها سجية» (١٤).
ثالثا ـ الإعراب بالمعنى المقابل للبناء.
للنحاة اتجاهان في تعريف الإعراب بهذا المعنى ، فبعضهم يذهب إلى أن الإعراب أمر (معنوي) والعلامات دالة عليه ، والبعض الآخر يرى أنه أمر (لفظي) يتمثل في العلامات المتعاقبة على أواخر الكلم (١٥).
__________________
(١٢) تحفة الغريب بشرح مغني اللبيب ، محمد بن أبي بكر الدماميني ، مطبوع على هامش المنصف من الكلام على مغني ابن هشام ١ / ٩.
(١٣) المنصف من الكلام على مغني ابن هشام ، أحمد بن محمد الشمني ١ / ٩.
(١٤) حاشية محمد الخضري على شرح ابن عقيل ١ / ٣٦.
وانظر أيضا حاشية محمد الأمير الأزهري على المغني ١ / ٣ ، وحاشية مصطفى الدسوقي على المغني ١ / ٥.
(١٥) أ ـ شرح اللمحة البدرية في علم العربية ، ابن هشام ، تحقيق الدكتور هادي نهر ١ / ٢٣٥ ـ ٢٣٦.
ب ـ حاشية الصبان على شرح الأشموني ، ١ / ٤٧ ـ ٤٩.