ولم يعتن النحاة بصياغة تعريف للإعراب بهذا المعني ، ولعل ذلك اكتفاء منهم بتعريف مرادفه (النحو).
ثانيا ـ الإعراب بمعنى تحليل الكلام نحويا.
أقدم من استعمل كلمة (الإعراب) بهذا المعنى ـ في حدود اطلاعي ـ هو الفراء (ت ٢٠٧ ه) الذي استهل تفسيره للقرن الكريم بقوله : «تفسير مشكل إعراب القرآن ومعانيه» (١٠).
وتلاه النحاس (ت ٢٣٨ ه) في كتابه «إعراب القرآن» ، ثم ابن خالويه (ت ٣٧٠ ه) في كتابه «إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم» ، ومكي بن أبي طالب القيسي (ت ٤٣٧ ه) في كتابه «مشكل إعراب القرآن».
وثمة تفاوت بين القدماء والمتأخرين في عملية التحليل النحوي ، فقد كان اهتمام المتقدمين منصبا على الناحيتين الصرفية والنحوية معا ، كما نجده لدى ابن خالويه في إعرابه الاستعاذة ، إذ يقول : «أعوذ : فعل مضارع ، علامة مضارعته الهمزة ، وعلامة رفعه ضم آخره ، وهو فعل معتل ، لأن عين الفعل واو ، والأصل (أعوذ) على مثال (أفعل) فاستثقلوا الضمة على الواو ، فنقلت إلى العين ، فصارت أعوذ ... إلى آخره» (١١).
أما المتأخرون فإنهم اقتصروا في عملية التحليل على بيان المعاني النحوية ، وما يعرض للمفردات والتراكيب من أحوال البناء والإعراب (بمعنى تعيير أواخر الكلم) والتقديم والتأخير إلى آخره.
__________________
(١٠) معاني القرآن ، يحيى بن زياد الفراء ، تحقيق أحمد يوسف نجاتي ومحمد علي النجار ١ / ١.
(١١) إعراب ثلاثين سورة من القرآن الكريم ، الحسين بن أحمد بن خالويه ، ص ٣.