وأخرج الترمذي عن أنس ، قال : كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ، وروى ذلك أيضا عن ابن عمر (٤٦).
قال : ويروى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه كان ليرتاد لبوله مكانا كما يرتاد منزلا (٤٧).
وغير ذلك مما ورد في هذا المعنى ، فكيف يعقل أن من كان هذا هديه أن يبول قائما عند بعض أصحابه من غير دافع ولا داع ، سوى دعوى بيان الجواز؟! وما أوهنها من دعوى ، وأدحضها من حجة!
مضافا إلى أن شيئا من البول قد يصل إلى البائل قائما لا سيما عند دنو انقطاعه.
والأشنع من ذلك كله ، ما ورد في بعض متون حديث الباب من استدنائه صلىاللهعليهوآلهوسلم حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه بعد ما تنحى عنه وتباعد ، وهذا بمعزل عن الحياء ومنأى منه ، فكيف يجوز أن يعزى مثل ذلك إلى أشرف أنبياء الله ورسله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!
ومما يضحك الثكلى ويجهض الحبلى ، ما حكاه النووي في شرح صحيح مسلم (٤٨) عن بعض العلماء أنه استنبط من حديث الباب أن السنة القرب من البائل إذا كان قائما ، فإذا كان قاعدا فالسنة الإبعاد عنه. انتهى!!؟
بل هلم واستمع إلى ترخيص مالك بن أنس إمام دار الهجرة في مثل رؤوس الإبر من البول ، وتسهيل الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت فيها كيسير كل النجاسات ـ كما حكاه الشهابان العسقلاني والقسطلاني في شرحي
__________________
(٤٦) سنن الترمذي ١ / ٢١ ـ ٢٢ الحديث ١٤ وذيله ، مصابيح السنة ١ / ٢٧.
(٤٧) سنن الترمذي ١ / ٣٢ ذيل الحديث ٢٠.
(٤٨) شرح صحيح مسلم ١ / ٢٨٨.