وروى ابن أبي شيبة أيضا في «المصنف» (٤٣) عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنه بال قائما ، وهشام فيه مقال ، ففي التقريب : ربما دلس ، وحكي عن مالك أنه كان لا يرضاه.
وأما غير هؤلاء فلم أتحقق تلك النسبة إليهم ، على أنه لا حجة في أفعالهم إذا لم تكن مستندة إلى دليل شرعي ، وهو منتف هنا البتة.
وكيف كان ، فلا ينبغي الارتياب في كراهة البول قائما ـ كما حققه الشوكاني في شرح المنتقى (٤٤) ـ.
وأنه لا فرق فيه بين نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين سائر الأمة ، إذ أن الأصل فيما يرجع إلى الأحكام الشرعية الاشتراك حتى يثبت الاختصاص بطريق من الطرق الشرعية.
وإذ ثبت القول بكراهة البول قائما ـ وهو مذهب جمهور الفقهاء ـ فقد تحقق المنع من صدوره عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال شيخ الإسلام ، مجتهد عصره ، أبو الفضل جلال الدين السيوطي في كتابه «إتمام الدراية لقراء النقاية» (٤٥) : نعتقد أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون ، لا يصدر عنهم ذنب ، لا كبيرة ولا صغيرة ، لا عمدا ولا سهوا ، لكرامتهم على الله تعالى ، بل ومن المكروه ، لأن وقوع المكروه من التقي نادر ، فكيف من النبي؟! انتهى.
والمنصف العارف بسيرته صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في أمر البول والغائط ـ يقطع ببطلان حديث السباطة ويضرب به عرض الجدار.
عن أبي موسى ، أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا بال أحدكم فليرتد لبوله ، رواه أحمد وأبو داود والبغوي في المصابيح.
__________________
(٤٣) المصنف ١ / ١٢٣.
(٤٤) المصنف ١ / ١٢٣.
(٤٥) إتمام الدراية : ٢٠.