والغرض منها هو الوصول الى الحق ، والخصم ايضاً انّما يبحث عن ذاك الغرض ، ولذلك تراجع عن رأيه عند ما ظهر له بطلانه.
٣ ـ إنّ طلب الشامي من هشام ـ عند مناظرته له ـ ان يكون سائلاً استخفافاً به ، بيد انه تراجع بعد ذلك عندما تبين قوة خصمه وكفاءته.
٤ ـ تشتمل هذه المناظرة على شكلين من اشكال المناظرة ، وترسمهما بدقة فائقة ، وقد ظفر هشام في كلا المنهجين ، وهذا ممّا يدلّ بوضوح على مقدرة هشام على المناظرة ومعرفته بقواعدها.
٥ ـ إنّ الإمام عليه السلام اصرّ على ايقاف الشامي على عجزه حينما بيّن له جهله في التمييز بين الاسلام والايمان.
أقول : نعود الى متابعة الحديث :
ثم التفت أبو عبدالله عليه السلام الى حمران فقال : «تجري الكلام على الاثر فتصيب» (٥٥).
والتفت الى هشام بن سالم فقال : «تريد الاثر ولا تعرفه» (٥٦).
وثم التفت الى الاحول ، فقال : قيّاس ، روّاغ (٥٧) تكسر باطلاً بباطل ، إلاّ
__________________
(٥٥) قال العلاّمة المجلسي في «مرآة العقول» : أي على الأخبار المأثورة عن النبيّ وأئمّة الهدى صلوات الله عليهم فنصيب الحقّ; ثم احتمل احتمالين آخرين :
٢ ـ وقيل على حيث ما يقتضي كلامك السابق فلا يختلف كلامك بل يتعاضد.
٣ ـ ويحتمل أن يكون المراد على أثر كلام الخصم ، أي جوابك مطابق للسؤال. والأول أظهر.
أقول : ويؤيّده كلام الإمام عليه السلام لهشام بن سالم وقيس الماصر كما يأتي قريباً ، وفي الاحتمالات الثلاثة إشارة إلى منهج خاصّ في المناظرة.
(٥٦) اي تريد ان تبني كلامك على الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم ولا تعرفه لعدم التتبع في الاخبار او عدم القدرة على الاستنباط «المرآة».
(٥٧) قيّاس على صيغة المبالغة ، اي انت كثير القياس ، وكذلك روّاغ «باهمال اوله واعجمام آخره» اي كثير الروغان ، وهو ما يفعله الثعلب من المكر والحيل ، ويقال للمصارعة ايضاً «الوافي».