على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وفد سألوا عمَّه عنه ، وقالوا : أنت أعلم به ، فيقول لهم : إنّه ساحر; فيرجعون عنه ، ولا يلقونه.
فأتاه وفد ، فقال لهم مثل ذلك ، فقالوا : لا ننصرف حتى نراه. فقال : إنّا لم نزل نعالجه من الجنون ، فتبّاً له.
فأُخبر النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بذلك ، فحزن ، ونزلت السورة (١٥).
ومن الواضح : أنّ محاولة اتّصال الوفود به صلّى الله عليه وآله وسلّم واتّصاله هو بالوفود ، قد كانت متأخّرة عن نزول آية إنذار العشيرة بسنوات.
ب ـ إنّه إذا كان طلاق رقيّة وأُمّ كلثوم قد حصل بعد نزول سورة المسد ، وبعد تعرُّض المشركين للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالأَذى ; فإنّ ما يثير التساؤل هنا هو السبب الذي جعل ابنَي أبي لهب يمتنعان عن الدخول بزوجتيهما ، اللتين كانتا في وضع لا يمنع من ذلك؟!
وها هو عثمان يتزوّج إحداهما ويدخل بها فوراً ; فتحمل عنه ، وتسقط علقة في السفينة حين هجرتهما إلى الحبشة ، كما يدَّعون!!
ج ـ يقول البعض : أما رقيّة ، فتزوّجت من عتبة بن أبي لهب ، فمات عنها (١٦).
وعليه فإنّ دعوى طلاق ابن أبي لهب لرقيّة تصبح موضع شك أيضاً. ولا يبقى وثوق بالسبب الذي أدّعوه لذلك ; وهو نزول السورة واسلام البنات ; فتترجّح رواية نزول السورة ، والمسلمون محصورون في الشعب.
ثالثاً : إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ :
أخرج الزبير بن بكّار ، وابن عساكر ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال :
__________________
(١٥) التفسير الكبير ٣٢ / ١٦٦ ، والجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٢٣٥.
(١٦) تاريخ أهل البيت : ٩٢.