وإنما صنّفها تقية لأجل انتشار مذهب التشيع في ذلك الوقت (٣٢٠). وقد ضاع هذا النصّ في جملة ما ضاع من النصوص من الفهرست التي وصلتنا.
وأرى أنّ ممّا لا يقبل الشّكّ أنّ المفيد هو الذي أثر في استاذه الرّماني هذا الأثر الأشد والأقوى ممّا صنعه الاستاذ بتلميذه. وأنّ التقية يومذاك ـ بل وفي جميع عصور الشيعة تأريخ التشيع ـ لم تكن يوماً ما في صالح الشيعة ، خاصة يومذاك ، ولا أريد أن اسوق من الأدلة والشواهد التاريخية التي كانت تتواجد يومذاك فى بغداد بلد الاستاذ والتلميذ ، والّتي إن كانت تحمل المفيد على التقية ـ وكثيراً ما كان المفيد يتجاوزها بشجاعة ندر أنّ توجد في غيره ـ فانّها لم تكن لتحمل الاستاذ السنّي على أنْ يتّقي التلميذ ومذهبه ، إن لم تكن موافقة رأيه ومتفقة مع عقيدته القلبية وعواطفه المذهبية.
* * *
٢٨ ـ معلّم الاُمّة.
ولا اُطيل هنا الكلام ، وإنّما أكتفي بترجمة له جاءت عن ابن أبي طيّ ، يحيى بن حميدة بن ظافر الغساني الحلبي (٥٧٥ / ١١٧٩ ـ ٦٣٠ / ١٢٣٣) ذكرها في (تاريخ الإمامية) وحكاها الذهبي باختصار ، قال :
هو شيخ مشايخ الطائفة ، ولسان الإِمامية ، ورئيس الكلام والفقه والجدل ، كان أوحد في جميع فنون العلوم : الاُصولين ، والفقه ، والأخبار ، ومعرفة الرجال ، والقرآن ، والتفسير ، والنحو ، والشعر ، ساد في ذلك كله.
وكان يناظر أهلَ كلِّ عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية ، والرتبة الجسيمة عند الخلفاء العبّاسية.
وكان قوىَّ النفس ، كثير المعروف [البر ـ سير] والصدقة ، عظيم
__________________
(٣٢٠) لسان الميزان ٤ / ٢٤٨.