وأبو عبد الله البصري في ارائه كان امتداداً للاتجاه الاعتزالي البصري ، وبهذا يختلف عن المدرسة البغدادية ، وسيأتي الكلام عن هذا فيما بعد. ولكنّه لم يكن يحمل العواطف الخاصة بمعتزلة البصرة ، تجاه أمير المؤمنين وآله عليهم السلام. قال ابن المرتضى الزندي عنه ، «وكان يميل إلى علي عليه السلام ميلاً عظيماً ، وصنّف كتاب التفضيل وأحسن في غاية الإِحسان» (٣٠٩).
وجاء عند الزيدية : وروى السيّد أبو طالب [الهاروني الزيدي] عن أبي العباس العماري الطبري ، قال :
كان أبو عبد الله البصري عند أبي عبد الله بن الداعي رضي الله عنه [أبو عبد الله محمد بن (الداعي إلى الله) الحسن بن القاسم بن الحسن ، الحسني الزيدي (٣٠٤ / ٩١٦ ـ ٣٦٠ / ٩٧١)] ليلة ، وكان يجري كلام في الإِمامة والنصّ على أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال أبو عبد الله البصري : قول العباس له : «أمدد يدك اُبايعك» يدلّ على أنّه لم يكن منصوصاً عليه ، ألا ترى إنّه ذكر في سبب إمامته البيعة دون النّصِّ المُتَقِّدم! فقال أبو عبد الله بن الداعي : قوله : «أمدد يدك اُبايعك» يدلّ على أنّه كان منصوصاً عليه ، ألا ترى أنّه ذكر في سبب إمامته البيعة دون النّصِّ المُتَقِّدم! فقال أبو عبد الله بن الداعي : قوله : «أمدد يدك اُبايعك» يدلّ على أنّه كان منصوصاً عليه ، ألا ترى أنّه لم يستشر ولم يقل : نختارك ، جماعةٌ منا ، ونَتَّفقُ عليك ، ثم اُبايعك!
وكان أبو عبد الله البصري يقول لأصحابه : لا تتكلّموا في مجلس الشريف أبي عبد الله وبحضرته في مسألتين : في مسألة الإِمامة ، وفي مسألة سهم ذوي القربى ، فإنّه لا يحتمل ما يسمع منكم في هاتين المسألتين ويوحشه ذلك (٣١٠).
وأما الثاني ، وهو الرّماني ، وكان من أصحاب ابن الإِخشيد (٣١١).
__________________
(٣٠٩) المنية والأمل / ١٩٠.
(٣١٠) الحدائق الوردية ، ٢ / ٥٤ ، وذكر الاخير ابن المرتضى في المنية والأمل / ١٩٠.
(٣١١) ابن النديم / ٢٢١ ، فضل الاعتزال وذكر المعتزلة / ٣٣٣ ، معجم الادباء ، ٥ / ٢٨١.