وقرينة واضحة. ولأجل هذا يكون لهذا التعبير ايحاء في ذهن السامع بالتجسيم والتشبيه ، وإن لم يقصدهما القائل الذي وضع هذا المصطلح ، وخاصة اذا كان هذا القائل مثل هشام بن الحكم ، بما له من المنزلة السامية عند الأئمة عليهم السلام ، والمقام العلمي والديني المسلّم به عند شيعتهم.
ويشهد لما قلناه الحديث الآتي عند الكلام حول هشام بن سالم ، وفيه يرضى الإِمام عليه السلام بما قاله هشام بن الحكم وأصحابه ، حيث كان المخاطبون من المختصين بعلم الكلام ، وهم يفرّقون بين المصطلحات العلمية وبين المعاني اللغوية العامّة.
١٦ ـ رأي غير الامامية :
ومن المناسب ، بل من الطريف جدّاً أنْ انقل حول «جسم لا كالأجسام» رأياً لعالم من أشدّ علماء المسلمين تشدّداً وتعنّتاً فيما يرجع الى العقيدة ، ومن أكثرهم وقوفاً عندما جاء في الكتاب والسُّنَّة ـ حسب رأيه ـ وجموداً على ألفاظهما ، ومن اعظمهم إنكاراً لما يراه بدعة وإلحاداً في الدين وهو أبو محمد علي بن احمد ابن حزم الاندلسي (٣٨٤ / ٩٩٤ ـ ٤٥٦ / ١٠٦٤) قال :
«فإن قالوا لنا : إنكم تقولون انّ الله عزّ وجلّ حيٌّ لا كالعلماء ، وقادر لا كالقادرين ، وشيءٌ لا كالأشياء ، فلِمَ منعتم القول بأنّه جسم لا كالأجسام؟! قيل لهم ـ وبالله تعالى التوفيق ـ : لولا النصّ الوارد بتسميته تعالى بأنّه حيّ وقدير وعليم ما سمّيناه بشيء من ذلك ، لكنّ الوقوف عند النصِّ فرض ، ولم يأت نصٌّ بتسميته تعالى جسماً ، ولا قام البرهان بتسميته جسماً ، بل البرهان مانع من تسميته بذلك تعالى ، ولو أتانا نصٌّ بتسميته تعالى جسماً لوجب علينا القول بذلك ، ولكنّا نقول إنّه لا كالأجسام ، كما قلنا في عليم وقدير وحيّ ، ولا فَرْقَ. وأمّا لفظة «شيءٌ» فالنصّ أيضاً جاء