فلو كانت هذه الآراء آراء ثابتة لهشام لذكرها في كتبه ، ولحكاها المترجمون له من الإمامية ، وهم الذين ورثوا علمه وقرأوا كتبه ـ التي لم تصل الينا ولا واحد منها ـ ولجاءت الاشارة اليها في روايات الإِمامية ـ كما جاء ذكر بعض ارائه في احاديثهم ، كما سيأتي.
يضاف إلى هذا : ان ما حكاه الخصوم من آراء هشام انما ذكروا أنّه قالها عند المناظرة والجدل مع خصومه المعتزلة ، ولم ينسبوا ولا واحداً منها إلى كتاب من كتبه ، فلو كان هؤلاء الخصوم قد عثروا على شيء منها في احد كتبه لنسبوه إلى الكتاب نفسه.
٣ ـ إنّ قول هشام «جسم لا كالأجسام» كان في الأصل رأياً لجهم بن صفوان ، وان قال به هشام فانه تبع جهماً في ذلك ـ كما تقدم ـ ، ولعلّ هشاماً ، بعد أنْ أرجعه الإِمام الصادق عليه السلام عن جهميته ، كان يستعمله عندما كان يناظر المعتزلة خصوم الجهمية. وبقي هذا القول عالقاً في ذهن تلاميذه أو غيرهم من الشيعة ، ولما لهشام من مقام رفيع ومنزلة عند الأَئمّة عليهم السلام والإِمامية اجمع ، سألوا عنه الأَئمّة عليهم السلام ـ كما سيأتي ـ فلا يصحّ أن نردّ قول الشريف المرتضى من أنّ هشاماً كان يستعمله عند المناظرة بما جاءنا من الأحاديث التي اشارت إلى قول هشام في الجسم.
٤ ـ إنّي حسب ما بحثت ، وفي حدود ما املك من المصادر ـ وهي قليلة جدّاً ، إذا قيست بالنسبة إلى ما ضاع ـ أكاد اجزم لأسباب لا يسع المجال ذكرها انّ ابا الهُذَيْل العلاّف يعتبر المحور الرئيس لأغلب ما نسب إلى هشام ابن الحكم (١٠٩).
__________________
٦ / ٢٣٢ ـ ٢٣٤ ، هدية العارفين ٢ / ٥٠٧ ، وغيرها.
(١٠٩) راجع الحكاية عن أبي الهذيل مباشرة : مقالات الاسلاميين ، ١ / ١٠٣ ، ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، وعنه الفَرْق بين الفرق / ٤٨ ، ٢١٦ ، وعن الفرق مذاهب الاسلاميين ، ١ / ١٢٧. وعن أبي الهذيل : الفصل ، ٤ / ١٨٤ ، وعنه منهاج السُّنْة ، ١ / ٢٠٣ ولسان الميزان ، ٦ / ١٩٤.