قال الشهرستاني : «وجرت بينه [بين هشام] وبين أبي الهذيل مناظرات في علم الكلام ، منها في التشبيه ، ومنها في تعلّق علم الباري تعالى» (٨٠).
ويحكي إحداها المسعودي ويقول في آخرها : «فانقطع ابوالهذيل ولم يدر جواباً» (٨١) ولكن ابن حجر العسقلاني في حرّف كلام المسعودي ـ وأتمنّى لو كان بغير عمد ـ فقال في ترجمة أبي الهذيل : «وذكر [المسعودي] مناظرة بينه وبين هشام بن الحكم الرافضي ، وانّ هشاماً غلبه أبوالهذيل فيها» (٨٢) ولا أظنّ أنّ ابن حجر وجد في كلام المسعودي غموضاً فأساء فهمه!
٤ ـ إبراهيم بن سيّار ، أبواسحاق النَّظّام البصري (١٦٠ / ٧٧٦ ـ ٢٣١ / ٨٤٥) قال المترجمون له من المعتزلة : «خرج النَّظّام إلى الحجّ فانصرف على طريق الكوفة ، ولقي بها هشام بن الحكم وغيره ، وناظرهم في دقيق الكلام» (٨٣).
وتاريخ هذا الاجتماع لا بدّ وأن يكون سابقاً على ١٧٩ / ٧٩٦ السَّنة التي هاجر فيها هشام من الكوفة إلى بغداد وسكنها بصورة دائمة ، وعمر النظام يومذاك لم يكن قد تجاوز العشرين ، بل لم يكن قد بلغه ، فإن صحت الحكاية ، فلا بدّ وأنْ يراد بالمناظرة المساءلة والمناقشة ـ كالتي تجري بين الاستاذ والتلميذ ـ وانّ النّظّام الشاب لما اجتمع بهشام سأله عن دقيق الكلام ، وفي هذا دلالة على ذكاء النظام وقدرته على طرح الاسئلة الكلامية الدقيقة وتفهّم الاجوبة العميقة من متكلمين بارزين كهشام وغيره. ولعلّ إحدى هذه المناظرات ما
__________________
(٨٠) الملل والنحل، ١/٣٠، ١٨٤.
(٨١) مروج الذهب، ٧/٢٣٢ ـ ٢٣٣، وفي ط شارل بلا ٥/٢١ ـ ٢٢.
(٨٢) لسان الميزان، ٥/٤١٤.
(٨٣) القاضي عبدالجبار، فضل الاعتزال وذكر المعتزلة /٢٥٤، ابن المرتضى، المنية والأمل /٤٩، الدكتور عبدالرحمن بدوي، مذاهب الاسلاميين، ١/١٢٧، واخطأ الدكتور في فهم كلام ابن المرتضى، الذي حكى عنه.