كلّ ذلك أنّ غيرهما من علماء الإِمامية يتّفق مع أحدهما أو معهما في الرأي ، أو يرضى بصحّة الدليل أو يقرّ دلالته على ما يقولانه ، أو يقرّ بمناقشة المفيد ويرتضيها. ومن الطبيعي أنّ هذا الجانب من الكتابين إنّما يختصّ بالتفاصيل التي جاءت فيهما ، لا في أُصول العقيدة التي تتّفق عليها الإِماميّة بأجمعها.
٧ ـ نموذج من الحديث الامامي :
ومثال واحد أذكره من مئات الأمثلة التي تدلّ على طبيعة الحديث الإِمامي ، وإبائه عن أن تستقرّ في نفس مَنْ يؤمن به نزعة التجسيم والتشبيه أو الجبر ما روي عن الإِمام أمير المؤمنين عليه السلام من قوله عليه السلام في خطبته الشهيرة ، وهذه الخطبة ذكرها الشريف الرضي ، أبوالحسن محمد بن الحسين الموسوي (٣٥٩ / ٩٧٠ ـ ٤٠٦ / ١٠١٥) في «نهج البلاغة» ورواها من محدّثي الإِمامية ممّن سبق الشريف الرضي ، الشيخ الصدوق (ح ٣٠٦ / ٩١٩ ـ ٣٨١ / ٩٩١) في «كتاب التوحيد» (٣١) روى قطعة كبيرة من أوّلها ، وألفاظها فيها بعض الاختلاف عمّا في النهج ، وشرح بعض ما جاء فيها. ورواها ايضاً أبوالنضر محمد بن مسعود السُّلمي العيّاشي (؟ ـ ح ٣٢٠ / ٩٣٢) وأخرج قسماً منها في التفسير (٣٢). وكلّ هؤلاء ينتهي السند عندهم إلى مَسْعَدة بن صدَقة وهو رواها عن الإِمام الصادق ، عن أبيه ، عليهما السلام. وهو أبومحمد مَسْعَدة ابن صدقة العَبْدي ، من اصحاب الصادق والكاظم عليهما السلام له : «كتاب خطب أميرالمؤمنين عليه السلام» (٣٣).
ورواها محدِّثو الزيدية ، فرواها يحيى بن الحسين الحسني ، الناطق بالحقّ ، الإِمام الزيدي (٣٤٠ / ٩٥٢ ـ ٤٢٤ / ١٠٣٣) بسند آخر ينتهي إلى زيد
__________________
(٣١) مكتبة الصدوق، طهران: ١٣٨٧/٤٨ ـ ٥٦، وعنه في البحار: ٤/٢٧٤ ـ ٢٨٤.
(٣٢) ١/١٦٣ اي ٥، وعنه البحار، ٣/٢٥٧، تفسير البرهان، ١/٢٧١ اي ١٢.
(٣٣) النجاشي: ٢٥٩، مجمع الرجال ٦/٨٧، الذريعة: ٧/١٩١ اي ٩٧٢.