وذكر «انّ كلام ربّنا عزّ وجلّ لا يُشْبه كلام المخلوقين ، لأنّ كلام الله كلام متواصل لا سَكْتَ بينه ولا سَمْتَ ، لا ككلام الآدميّين الذي يكون بين كلامه سَكْتٌ وسَمْتٌ لانقطاع النَّفَس ، أو التذاكر ، أو العيّ ...» (١٤).
٣ ـ عثمان بن سعيد ، أبوسعيد الدارمي ، التميمي ، السجستاني (ح ١٩٩ / ٨١٥ ـ ٢٨٠ / ٨٩٤) الإِمام العلاّمة الحافظ ، الناقد الحجّة ، وكان جذعاً وقذىً في أعين المبتدعة ، قائماً بالسُنَّة ، ثقة ، حجّة ، ثبتاً. وقيل فيه : كان إماماً يُقْتَدى به في حياته وبعد مماته. ذكره الشافعية في طبقاتهم ، وعدّه الحنابلة من أصحاب ابن حنبل (١٥).
قال الدارمي بأنّ لله مكاناً ، حدَّه ، وهو العرش (١٦) و «هو بائن من خَلْقه فوق عرشه بُفرْجة بينه في هواءِ الآخرة ، حيث لا خَلْقَ معه هناك غيره ، ولا فوقه سماء» (١٧) وقال : «قد أَيَّنّا له مكاناً واحداً ، أعلى مكان ، وأطهرَ مكان ، وأشرفَ مكان : عَرْشُه العظيم (...) فوق السماء السابعة العليا ، حيث ليس معه هناك إنسٌ ولا جانّ ، ولا بجنبه حُشٌّ ، ولا مِرْحاض ، ولا شيطان. وزعَمْتَ أنت (١٨) والمضلُّون من زعمائك أنّه في كلّ مكان ، وكلّ حشٍّ ومرحاض ، وبجنب كلّ إنسان وجانّ! أفأنتم تشبهّونه إذ قلتم بالحلول في الأماكن أم نحن؟!» (١٩).
__________________
(١٤) المصدر / ١٤٥.
(١٥) سير أعلام النبلاء: ١٣/٣١٩ ـ ٣٢٦، تذكرة الحفاظ: ٢/٦٢١، العبر: ٢/٦٤، مرآة الجنان: ٢/١٩٣، ابن كثير: ١١/٦٩، طبقات الشافعية: ٢/٣٠٢ ـ ٣٠٦، طبقات الحفاظ: ٢٧٤، طبقات الحنابلة: ١/٢٢١، شذرات الذهب: ٢/١٧٦.
(١٦) الرَدّ على بِشْر المرِّيسي، عقائد السلف، نشر: دكتور علي سامي النشار، عمّار جمعي الطالبي، منشأة المعارف، الاسكندرية، مصر: ١٩٧١/٣٨٢.
(١٧) المصدر / ٤٣٩.
(١٨) يخاطب به بشر المَرِّيسي، الذي يردّ عليه الدّارمي، وهو بِشر بن غياث المَرِّيسي، البغدادي، الحنفي (ح ١٣٨/٧٥٥ ـ ٢١٨/٨٣٣) من أعلام الحنفيّة، وممَّنْ نادى بخلق القرآن ودافع.
(١٩) المصدر / ٤٥٤.