في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ، ونزول الربّ تبارك وتعالى كلّ ليلة إلى السماء الدنيا ، قالوا : قد تَثْبُتُ الروايات في هذا ويؤّمَن بها ولا يُتَوَهّم ، ولا يقال : كيف؟
هكذا روي عن مالك ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الله بن المبارك أنّهم قالوا في هذه الاَْحاديث : أَمِرُّوها بلا تكليف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السُّنَّة والجماعة. وأمّا الجهمية فأنكرَتْ هذه الروايات ، وقالوا : هذا تشبيه.
وقد ذكر الله عزّ وجلّ في غير موضع من كتابه ، اليد ، والسمع ، والبصر ، فتأوَّلت الجهمية هذه الآيات ففسَّروها على غير ما فسَّر أهلُ العلم ، وقالوا : إنّ الله لم يخلق آدم بيده ، وقالوا : إنّ معنى اليد ها هنا القوَّة.
وقال إسحاق بن إبراهيم (٧) : إنّما يكون التشبيه إذا قال : يدٌ كَيَد ، أو مثل يد ، أو سمع كسمع ، أو مثل سمع ، فإذا قال : سمع كسمع أو مثل سمع ، فهذا التشبيه. وأمّا إذا قال ـ كما قال الله تعالى ـ : يد ، وسمع ، وبصر ، ولا يقول : كيف ، ولا يقول مثل سَمْع ، ولا كسمع ، فهذا لا يكون تشبيهاً ، وهو كما قال الله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (٨).
٢ ـ أبوبكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السُّلَمي النَيْسابوري (٢٢٣ / ٨٣٨ ـ ٣١١ / ٩٢٤) قالوا عنه : إنّه كان إمام نيسابور في عصره ، فقيهاً ، مجتهداً ، بَحْراً من بحور العلم ، اتّفق أهل عصره على تقدّمه في العلم ، ولقّبه الصفدي ، واليافعي ، والذهبي ، والسبكي ، وابن الجَزَري ، والسيوطي ، وابن عبدالحىّ بإمام الأئمّة. وقال الدارقطني : كان إماماً معدوم النظير. وقال ابن كثير : هو من المجتهدين في دين الإِسلام. وذكروا له الكرامات. وقال السمعاني : وجماعة [من المحدّثين] يُنْسَبُّون إليه ، يقال لكلّ واحد منهم
__________________
(٧) هو اسحاق بن راهويْه ـ عارضة الاحوذي: ٣/٣٣٢.
(٨) الجامع الصحيح، الزكاة (ما جاء في فضل الصدقة) ٣/٥٠ ـ ٥١ اي ٦٦٢.