الذي أريد من لفظ الخليفة والإمام ، له قدسيّته وروحانيّته ، واستمداده من ولاية الله الكاملة المطلقة ، وهذا المعنى هو الظاهر منه إذا أطلق على النبي والإمام مطلقا وبدون الإضافة ، كما أنّ الظاهر من إطلاق لفظ الولي على الله تعالى هو هذا المعنى بمرتبته الكاملة الذاتية غير المعتمدة على ولاية غيره ، دون سائر المعاني كالناصر والمحب.
الثالثة
ألفاظ الخليفة والإمام والولي وإن كانت ظاهرة في المعاني التي استظهرناها منها إذا استعملت في الكتاب والسنّة وربما تصدق على مصداق واحد ، بل كل واحد منها دائم الصدق على ما يصدق عليه الآخر إلّا أنّ لكل واحد منها معنى يتبادر إلى الذهن قبل غيره من المعاني التي تدل عليها بالالتزام.
فالمتبادر من لفظ الخليفة من يقوم بأمر الله تعالى نيابة عنه بالحكم بين عباده بالحق وإقامة العدل والقسط ونظم الأمور وبسط الأمن ونحو ذلك ، ويتبادر من لفظ الولي من له التصرف في الأمور التكوينية والولاية التشريعية من قبل الله تعالى وبتمكينه وتشريعه ، كما يتبادر من لفظ الإمام المنصوب للائتمام والاقتداء به والاهتداء بهدايته وأن يكون علما للسالكين ، والدليل على مرضاة الله وعصمة المعتصمين وعروة المتمسّكين. كل هذه الاصطلاحات تشير إلى عنايات خاصة وألطاف إلهية تشمل عباده المكرمين المأمونين على سرّه ، المخصوصين بعنايته الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.
وكل هذه المناصب أعم من الرسالة والنبوة ، فهي تجتمع معها كما اجتمع في إبراهيم الخليل النبوة والإمامة ، وفي آدم وداود النبوة والخلافة ، وفي غيرهم من الأنبياء الذين أخبر الله تعالى بإمامتهم في القرآن المجيد ،