وكما اجتمع في سيدهم وخاتمهم صلىاللهعليهوآلهوسلم جميع المناصب الإلهيّة.
فكلهم من رسول الله ملتمس |
|
غرفا من أليم أو رشفا من الدّيم (١) |
وتفترق عن النبوّة فيكون الإمام والخليفة والولي تابعا للنبي كالأئمة الاثني عشر ، فإنّ النبوة والرسالة قد ختمت بجدهم محمد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبقيت الخلافة والإمامة والولاية في أمّته لئلا تبطل حجج الله وبيّناته ، فهؤلاء الخلفاء هم القائمون بأعباء الخلافة الإلهية بعده صلىاللهعليهوآله ، ولا ينافي ذلك إطلاق خلفاء الرسول عليهم في بعض الروايات كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هم خلفائي يا جابر ، واللهم ارحم خلفائي ، وأنت خليفتي ، وأنت الخليفة بعدي ، فإن ما قلناه من الاستظهار من هذه الألفاظ إنّما قلناه فيما إذا استعملت مطلقا وبدون إضافتها إلى غير الله تعالى ، أمّا مع إضافتها إلى غيره تعالى ، فلا ريب في أنّه يستفاد من لفظ الخلافة ، الخلافة عن هذا الغير.
والخلافة عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم التي جاءت في هذه الأحاديث هي الخلافة عنه في إبلاغ الأحكام وما أنزل الله إليه إلى الناس والقيام مقامه في تولّي أمور الأمّة وإدارة شئونهم وهي أيضا لا تتحقّق إلّا باستخلافه بنفسه واحدا من أمّته ، ولا يجوز للأمّة أن تستخلف أحدا له ، فالخلافة والنيابة والوصية وأمثالها أمور ليس لأحد تولّى نصب من يقوم بها إلّا من يكون ذلك المنصوب خليفته ونائبا عنه ووصيّه ولا ولاية لغيره على ذلك.
وليت شعري من أين ثبت للأمّة هذه الولاية على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأكرم خلقه؟ ومن أين ثبت للأمّة عليه من الولاية ما
__________________
(١) ـ البيت من القصيدة المعروفة بالبردة ، لأبي عبد الله محمّد بن سعيد البوصيري.