أذكر منها ما في أواسط فصل « ذكر سرايا رسول الله صلّى الله عليه وجيوشه » .
« وفيها غزوة عمرو بن العاص السهمي على ذات السلاسل ، ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجرّاح في جيشه ، وكان استمدَّ ، فأمدَّه النبي صلّى الله عليه بجيش فيهم أبو بكر وعمر ، ورئيس الجيش أبو عبيدة بن الجرّاح .
قال أبو سعيد : فشكا أبو بكر وعمر رحمهما الله إلى النبي صلّى الله عليه عمرو ابن العاص ، فقال لهما : لا يتأمّر عليكما أحدٌ بعدي . وهذا توكيد لخلافة أبي بكر وعمر رحمهما الله » (٦٣) .
ولستُ في صدد الخوض في بحوث الخلافة والإِمامة ، ومَن هو أحقُّ بها من غيره ، أو الولوج في مدى صحّة حديث « لا يتأمّر عليكما أحد بعدي » وعدمه ، فهذا أمر أشبعه علماؤنا بحثاً وتفصيلاً ، ولكن أوردت هذا المثال لبيان تلاعب السكّري في متون الكتب ، وهدفه من ذلك وغايته .
يقول محقّق كتاب المحبّر في كلمة الختام :
« وأظن أنّه ـ أي ابن حبيب ـ كان يميل إلى الشيعية ، فإنّه لا يذكر أبداً أُمّ المؤمنين عائشة ، وسيّدنا أبا بكر الصدّيق ، وسيّدنا عمر إلّا بكلمة ( رحمه الله ) مع أنّه دائماً يذكر أُمّ المؤمنين خديجة وسيّدنا عليّاً بكلمة ( رضي الله عنه ) رضي الله عنهم أجمعين .
وأيضاً قد أثبت جميع ما يعاب به الرجل في سيّدنا عمر ، مثل أنّه كان أحول (٦٤) .
أو كان قد ضرب ، قبل أن يسلم ، جاريته ضرباً مبرّحاً على قبولها الإِسلام ، ربّنا لا تجعل في قلوبنا غِلاً للّذين آمنوا !
فمن أجل ذلك ، فيما أحسب ، أنَّ راويه أبا سعيد السكّري يضيف أحياناً إلى
__________________(٦٣) المصدر نفسه : ١٢١ و ١٢٢ .
(٦٤) أُنظر المحبَّر : ٣٠٣ .