الواحد من الآخر ثلاث مرات ولكن من دون مباهاة وتفاخر كما يفعل ذلك المتبارون عندنا قبل أن يبدأوا المبارزة ، إذ إن ملابسهم الطويلة تعوقهم عن ذلك. وتراهم يحملون في اليد اليسرى ترسا يبلغ قطره حوالي قدم واحد يكون مغلفا بالجلد ومخيطا بخيوط الشعر وفي اليد اليمنى يحملون الهراوات وإذ ذاك يوجه الواحد منهم ضرباته في أول جولة ، كما يفعل ذلك الصبيان في بلادنا. أما في الجولتين الثانية والثالثة فهم يتقارعون بالهراوات وعلى الأخص في الجولة الثالثة التي تعد الجولة الأخيرة ، إذ يرمون تروسهم بمهارة وقد يضرب الواحد منهم سيقان الآخر أحيانا ولكن دون أن يؤذيه. فإذا ما وقع تراجعوا إلى الوراء وانصرفوا. فهذا النوع من المبارزة كثير الشيوع في هذه البلاد (١).
بعد أن مكثنا فترة طويلة وصلت عدة سفن قادمة من أعالي نهر الفرات وكانت من بينها السفينة التي مكثنا طيلة هذه المدة في انتظار وصولها إلينا.
بدأ ربان سفينتنا يوسقها بالحمولة ويعد العدة كيما نبرح ذلك المكان. وفعلت ذلك نفسه سفينتان أخريان كانتا تستعدان للإقلاع سوية معنا ، وكانت أحدهما تعود إلى الأتراك وهي موسقة بالقمح وحده تنقله إلى بغداد لندرته هناك بسبب شدة الحر وانحباس المطر.
ولقد ابتعنا عدة أنواع من الفاكهة من أمثال الزبيب والعنب والثوم والبصل وغيره ، كما حملنا معنا شيئا من الذرة لأنها نافعة في الأسفار إذ تصلح لمزجها مع دقيق الرز وصنع السجق منها أو لعمل الخبز ، كذلك
__________________
(١) هذه اللعبة التي وصفها راوولف بالمبارزة هي المعروفة عندنا في العراق باسم لعبة الساس أو لعبة السيف و «الدرگة» بالكاف المعجمة ، وتمارس في أيام الأعياد وحفلات الأعراس.