قال : كنّا مع عليّ كرم الله وجهه في مسيره إلى الشّام حتّى إذا كنّا بظهر الكوفة من جانب هذا السّواد عطش النّاس فانطلق بنا عليّ كرم الله وجهه حتّى أتى إلي صخرة ضرس في الأرض فأمرنا بقلعها فقلعناها فخرج لنا من تحتها ماء فشرب النّاس وارتووا ثمّ أمرنا فأكفاناها عليه وسار بالنّاس حتّى إذا مضى قليلا قال عليّ :أمنكم أحد يعلم مكان هذا الماء الّذي شربتم منه؟ قالوا : نعم يا أمير المؤمنين قال : فانطلقوا اليه فانطلق منا رجال ركبانا ومشاتا حتّى انتهينا إلى المكان الّذى ترى الصخرة فيه فطلبناها فلم نجدها ثمّ انطلقنا إلى دير قريب منّا فسألناهم أين هذا الماء الّذى عندكم؟ قالوا : ليس قربنا ماء فقلنا : إنّا شربنا منه قالوا : أنتم شربتم منه؟ قلنا : نعم ، فقال رئيس الدّير : والله ما بنى هذا الدّير إلّا بذلك الماء وما استخرجه نبيّ أو وصيّ نبىّ ثمّ سار بنا حتّى أتى الرقة ولمّا نزل عليّ كرّم الله وجهه الرّقة نزل بموضع يقال له : البلخ على جانب الفرات فخرج راهب هناك من صومعته فقال لعليّ كرّم الله وجهه : إنّ عندنا كتابا ورثناه عن آبائنا كتبه أصحاب عيسى ابن مريم عليهماالسلام ما أملاه عيسى عن الله تعالى أعرضه عليك قال : نعم فقرأ الرّاهب الكتاب المترجم بالعربيّة بسم الله الرحمن الرحيم الّذى قضى وسطر فيما قدر إنّني باعث في الاميّين رسولا منهم يعلّمهم الكتاب والحكمة ويدلّهم على سبيل الله لا فظّ ولا غليظ ولا صخّاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة بل يعفو ويصفح وامّته الحمادون الّذى يحمدون الله على كلّ نشز وعلى كلّ صعود وهبوط وتذلّل ألسنتهم بالتّكبير والتهليل والتسبيح وينصره الله على من عاداه واختلفت أمته من بعده ما شاء الله فيمرّ رجل هو وصيّه وصالح أمّته على شاطي الفرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضي بالحقّ والدّنيا أهون عليه من الرّماد في يوم عصفت به الرّيح والموت أهون عنده من شرب الماء على الظمآن يخاف الله في السرّ والعلانية وينصح الأمة لا يخاف في الله لومة لائم فمن أدرك ذلك النّبيّ من أهل هذه البلاد فآمن به كان